رياض الواصلين >> المنتدى العام >> شهادتي على نفسي 2

15 ديسمبر 2017 08:51

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه

أما بعد :

بداية أقول :

يحدث كل ّ مرة أن بعض المتابعين من رواد المنتدى والمنتديات من قبله وصفحتي على الفيسبوك سابقا جزاهم الله خيرا وبارك فيهم يظنون في العبد الفقير ظنونا حسنة فيعتقدون في تمام سيره وكمال سلوكه ومكاشفته ومن كونه واصلا عارفا أو مفتوحا عليه بالمعارف الربانية والعلوم اللدنية والفيوض الإلهية … الخ

كنت أشرت منذ سنوات عديدة في مقال يحمل عنوان " شهادتي على نفسي " نشرته في أكثر من منتدى أن كلّ تلك الظنون الحسنة من أصحابها غير صحيحة لهذا على العبد الفقير بيان حاله في الطريقة لئلا يغتر به المغترون أو يعتقد فيه العرفان المعتقدون فأقول تبرئة لذمتي :

العبد الفقير مازلت في طور البدايات لست بسائر ولا سالكا فضلا عن أن أكون واصلا في طريق مدارج الكمال وإلى الآن مازلت في طور التربية عند أهل التربية المأذونين في الإرشاد من مشايخي إن قبلوني وصحت نسبتي إليهم بعد انتقال شيخنا سيدي اسماعيل الهادفي رحمه الله تعالى وقدس روحه العزيز المتوفى سنة 1994 ميلادية …

لذا فكل من يعتقد في العبد الفقير التقوى والإيمان أو المكاشفة والإيقان فضلا عن الوصول والعرفان فهو مخطئ خطأ جسيما في هذا المضمار وقد قيل " عاش من عرف قدره " وها أنا أكتب ما أعرفه من نفسي ( ولا ينبئك مثل خبير )

ثانيا :

من جهة أخرى وهي المسألة الواقعية التي أتلاقى فيها مع أحبابي وأصدقائي والقراء المتابعين وأتقبلها منهم ولا أرفضها كونها ملتقى الأحبّة كون العبد الفقير " محبّا " مثلهم إن شاء الله تعالى لأهل الطريقة معتقدا بإذن الله في وجود علوم الطريقة والحقيقة أدل على المشايخ المربين المأذونين قدر استطاعتي وأشرح وأفسر للناس مبادئ الطريقة مستروحا فيما نطقوا به من دلائل الحقيقة فتلك أرجو أن تكون وظيفتي إن وفقني الله تعالى إليها وما ادعي القدرة على ذلك …

الفرق بين هذه المسألة الثانية وبين المسألة الأولى المتعلقة بالمشيخة في طريق الله واضح بيّن عند كل أحد فلا يجوز الخلط بينهما اطلاقا

نعم بحكم تجربتي الواسعة والطويلة في الطريقة وقراءتي خلال سنوات من عمري في زمن شبابي خاصة في كتب أهل الشريعة والحقيقة أكسبني ذلك خبرة في تمييز الغث من السمين في الطريقة وكشف صاحب دعاوى الحقيقة إذ عند التمرس في خبرة الشيء بحكم المزاولة والمداولة تدرك لا محالة الجيد من الصنعة والسقيم منها

لذا قالوا " إسأل مجربا ولا تسأل طبيبا " أي إسأل صاحب خبرة وتجربة قبل أن تسأل صاحب علم نظري فصاحب العلم النظري قد يكون بعيدا تمام البعد عن فهم حالة الواقع الذي تعيش فيه لذلك قال سيدنا الخضر لسيدنا موسى عليهما السلام (  وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ) أي كيف يمكنك أن تصبر على تعلم شيء لا خبرة لك به على أرض الواقع أي لم تمارسه ولم يقمك الله تعالى خلال أعوام حياتك في طلبه وفهمه فأكيد أنك لن تصبر في صحبتي على تعلمه

لهذا فللخبرة مجالها في طريق الله تعالى ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) وكذلك للخبرة مجالها حتى في العلوم الكسبية وهناك فرق كبير بين مرحلة الشباب التي يكون فيها الشاب يتوقد حماسا وركوبا للأهوال أما عند تقدم السن به خصوصا بعد تهذيب التجارب وتمحيص الإبتلاءات له فتكسبه مدرسة الليالي والأيام تعقلا واضحا ورصانة لا تخفى فمن سنن الله في الوجود أنه لا يرسل رسولا من رسله بالآيات والهدى لقومه إلا بعد أن يتجاوز سن الأربعين سنة غالبا ولا قياس على من شذ عن هذه السنة وهم قلة لذا قال تعالى ( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )

لذا فمن الإحتياط عدم التقدم للمسؤولية استقلالا في سن مبكرة خصوصا الوظائف الدينية والمسؤوليات السياسية إلا من كان تحت نظر نبي مرسل كأسامة بن زيد لما نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرا على جيش العسرة أو تحت رعاية ولي عارف مرشد كامل كما هو الحال في عديد الوقائع أما من يتقدم من تلقاء نفسه ومن غير مرجعية من إذن أو رعاية كما تقدم رؤوس المبتدعة من الفرق الضالة فأكيد أن أقرب شيء يترصدهم هو الضلال والإضلال لذلك تعيّن في الدين المشورة وفي السياسة الشورى وهو ما يسمونه اليوم في لغة السياسيين – المستشارين -

من شروط التقدم للمشيخة في طريق الله تعالى العلم والعمل والمعرفة بالله تعالى والإذن الصريح في التربية والترقية ويشهد الله تعالى أن هذه الشروط الأربعة غير متوفرة في العبد الفقير لذلك لا أصلح أن أكون شيخا ولا يمكنني أن أكون مسلكا ففاقد الشيء لا يعطيه فكيف أعطي شيئا أنا فاقده ؟ هذا لا يكون

أما عند سؤالك عن مصدر ما أكتبه من كتابات وما يظهر من استرواحات واشارات فالجواب أن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء متى صح العلم ووافق الطرح الصواب

سمعت شيخنا سيدي فتحي السلامي حفظه الله يقول فيما معناه :

"  لا يكون الفتح في العلم والفيوض الحقيقية إلا بعد كمال السلوك والفتح في معرفة الله تعالى والوصول إليه سبحانه وتعالى أما قبل ذلك فقد تصل النفس في بعض الأحيان إلى فهم كثير من تفسيرات الطريقة واستنباطات في معارف واشارات الحقيقة فيحالفها الصواب في إدراك المعلومة على وجهها الصحيح وينالها حظ الموافقة لكن يبقى مصدر تلك المعلومات والمفاهيم الصائبة لا تعدو كونها من حضرة النفس صادرة "

قلت : المعلوم أن ما صدر من حضرة النفس لا خير فيه لأنه منقطع الأمداد منفصل الإسناد مهما كان صائبا إذ ليس الخلل في صوابه إنما الخلل في مصدره لذا ورد ( كم قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ) فليس الخلل فيما يقرؤه إنما الخلل في القارئ نفسه لذلك كم تجد من عالم يقول " خذوا عني علمي ولا تأخذوا عني فعلي " حيث يكون علمه في واد وأفعاله في واد آخر وقبل كل هذا وذاك ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى ) ( نية المرء خير من عمله ) فلله الحمد على جبر النيّة للعمل وإلا هلك الخلق

بعض إخواني وأصدقائي عندما يقرؤون ما أكتبه عن نفسي في سلبها لأوصاف لا تستحقها ولا توجد فيها ربما يتضايقون ويحزنون وقد يشعرون بالإحباط بسبب اعتقادهم في العبد الفقير ما أشرت إليه أعلاه فكأنهم عندها يصابون بخيبة أمل وهذا وإن دل فإنما يدل على أخطاء تقع منهم في عدم فهم الطريقة وجهل بترتيب المراتب واستشعار المنازل إذ لا يستوجب عدم وجود صفة معينة في شخص ما نفي وجود غيرها من الصفات فيه ...

لأن العبد الفقير وإن كنت صادقا فيما أحكيه عن نفسي بخصوص السلوك والعرفان فلا أنفي أن الله تعالى وفقني إلى فهم كثير من مبادئ علوم الطريقة فينفع الله تعالى بي من هذا الوجه متى شاء وأراد فلا أدل الخلق إن شاء الله تعالى من هذه الناحية إلا على ما أراه حقا وصوابا خصوصا بعد تلك التجربة الطويلة في الطريقة يإيجابياتها وسلبياتها وسيئاتها وحسناتها ولا أذكر لهم إن شاء الله تعالى إلا ما يقربهم ويدنيهم للحق والسعي في سبل دلالتهم على الخير فالدال على الخير كفاعله

ثمّ بعد هذا فالذي أنصح به نفسي وإخواني ومن يقرأ لي ويتابعني هو اتباع أحكام الشريعة والإستقامة على نهج الطريقة قدر الإستطاعة إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها في كل شيء فلا حرج في الدين فالله تعالى يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر وقد قال عليه الصلاة والسلام " بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا "

فالتنفير والتعسير ليس من الدين في شيء بل هما تحريف لمعاني الدين فديننا لا يحتمل الغلو ولا الحرج فيه ولا التعسير ولا التنفير ولا الإفراط أو التفريط ولا التفلّت أو التعصب ولا التسيّب أو التنطع فهو دين وسطي ميزان الإعتدال فخذ بهذه القاعدة من حيث كون الدين وسطيا معتدلا ميزان عدل لا يميل إلى كفة دون أخرى إذ بهذه القاعدة تكشف المحق من المبطل وتعرف المصيب من المخطئ من جميع الأطراف

ثمّ لا يجوز أن يحتكر أحد منا الدين لنفسه أو الطريق أو العلم فالتعصب مذموم من الجميع سواء من أهل الشريعة أو أهل الطريقة فيظن أن كل ما يراه هو الصواب وكل ما يقوله غيره هو الباطل الذي لا صواب فيه بل صاحب الحق يبحث عن الحق عند كل ناطق به ولا يهمه بعد ذلك الإنتماءات والتسميات لكون المؤمن الصادق والمسلم الحر لا يتقيد بالتحزبات والتشيعات وجميع تلك الإنتماءات بل هو مسلم هكذا يرى نفسه دون الإلتفات لغير معنى الإسلام عنده فلا يكون انتماؤه لجماعته أو طائفته مقدما على انتسابه لدين الإسلام والمسلمين من حيث كونهم اخوانه في الدين

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

حرر في صبيحة يوم الجمعة 27 ربيع الأول 1439ﻫ الموافق لـــ 15 كانون الأول 2017 م
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

15 ديسمبر 2017 12:47

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي كلمته الخالدة "الاستقامة خير من الف كرامة" وهذا المعول عليه في الدين كله ليس فقط في طريق التصوف
وكما أن التشوف الى العيوب النفسية خير من التطلع الى الغيوب الكونية لو كانو يعلمون..
وجزاهم الله خيرا على حسن ظنهم.
عابرسبيل
عضو نشيط
مشاركات: 44
اشترك في: 15 يوليو 2017 22:49
آخر نشاط: 21 مارس 2018 23:01
مكان: مدينة
العمر: 28
اتصال:

15 ديسمبر 2017 21:02

مولانا الحبيب الشيخ علي الصوفي
أحببتك من كتاباتك التي لمست فيها الصدق والأمانة والنور والحقيقة ... سواء في عرض بعض القضايا أو شرحها أو الغوص في أعماقها...

سؤالي لفضيلتكم: كيف يمكن للسالك أو الفقير في بداية الطريق أن يتعرف أو يتعلم أو يكتسب مبادئ علوم الطريقة؟ هل ثمة مجموعة من الكتب التي لا بد له أن يتعلمها أو يستمع لشروح لها؟ ثم بعد الفهم والشرح كيف ينزلها علي واقعه ويتحول الكلام الموجود في الكتب الي سلوك ممارس مُطبق...

مثلا: حكم سيدنا ابن عطاء الله السكندري تغير كثير من طريقة تفكيرنا إزاء الأشياء والأكوان والله وأنفسنا والآخرين والأقدار... نعم، لكن مثلا كتاب منازل السائرين للإمام الهروي ... كيف نتحقق بتلكم المنازل سلوكاً عملياً؟ بعد قرائته بطريقة نظرية؟ هذا ما يستوقفني كثيراً أو هو حديث نفسي الأمارة بالسوء؟
طالب العلم
عضو جديد
مشاركات: 10
اشترك في: 14 ديسمبر 2017 10:52
آخر نشاط: 25 مايو 2019 13:34
مكان: cairo
العمر: 39
اتصال:

17 ديسمبر 2017 02:43

طالب العلم كتب:سؤالي :
كيف يمكن للسالك أو الفقير في بداية الطريق أن يتعرف أو يتعلم أو يكتسب مبادئ علوم الطريقة ؟ هل ثمة مجموعة من الكتب التي لا بد له أن يتعلمها أو يستمع لشروح لها ؟ ثم بعد الفهم والشرح كيف ينزلها علي واقعه ويتحول الكلام الموجود في الكتب الي سلوك ممارس مُطبق...



المقصود بمبادئ علوم التصوف أي معرفة موضوع التصوف وحدّه وواضعه وفضله وكيفية السير فيه والإنتساب إليه وثمرته وحكم الشرع فيه ... إلخ من توضيحات عامة حول الإلمام بمبادئ علوم التصوف وتعريفاته الإصطلاحية كالفتح والشرب والذوق وهكذا من بيان لمقاماته وأحواله ...

فكل هذه يمكن قراءتها وفهمها من الكتب ككتاب الرسالة القشيرية وغيرها من الكتب النافعة الجامعة

أما السير في الطريق وذوق أحواله والتحقق بمعانيه والتخلق بآدابه لا يحصل إلا بالإنتساب للطريق وصحبة أهله وخدمتهم من المشايخ المربين الواصلين العارفين المأذونين من أهل التقوى والعلم والعمل

مثلا : حكم سيدنا ابن عطاء الله السكندري تغير كثير من طريقة تفكيرنا إزاء الأشياء والأكوان والله وأنفسنا والآخرين والأقدار... نعم، لكن مثلا كتاب منازل السائرين للإمام الهروي ... كيف نتحقق بتلكم المنازل سلوكاً عملياً؟ بعد قرائته بطريقة نظرية ؟


أنقل إليكم هذا الرابط أدناه لتعينكم قراءته على مزيد فهم للطريق وادراك لمسائله فهو يفسر معنى السير والسلوك على أكمل وجوهه


viewtopic.php?f=20&t=221
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

19 ديسمبر 2017 01:29

رضي الله عنكم وأرضاكم سيدي الحبيب ..
وان كل وعاء بما فيه ينضح وقد خبرنا وعلمنا وعاءكم فجزاكم الله عنا كل خير وزادكم من فضله وعلومه وأسراره .
ماهر بركات
عضو جديد
مشاركات: 21
اشترك في: 29 إبريل 2017 12:28
آخر نشاط: 24 إبريل 2019 22:07
مكان: السعودية
اتصال:

20 ديسمبر 2017 01:31

جزاكم الله خيرا سيدي علي.
والأمر كما ذكر أخونا علي، فهو ليس شيخا، ولم يدّع يوما مشيخة.. لا هنا بهذا المنتدى ولا بغيره من المواقع.. لا في الحاضر ولا في الماضي. بل عهدنا به دائما أنه يذكر ضعفه وعدم أهليته.
لذلك فمن يقرأ لسيدي علي على أمل أن يتخذه شيخا فهو مخطئ.. بل أكبر فائدة يحصلها القارئ منه هي معرفة الطريق وفهم آفات السير ومنعرجات السلوك.. وتصحيح المفاهيم الخطأ عن التصوف.. والتنبه لوساوس النفس وعللها. فكلامه ينهِض الروح لتبحث عن ربها، ويرفع الهمة في طلب باريها.. الخ.
وبالجملة فكلام الأستاذ علي ما دلّ قط لا على نفسه ولا على غيره، ولا على كوْن من الأكوان.. بل هو يدل على الله وحده. لذا فمن تدبر ووفقه الله فإنه سيستفيد كثيرا مما يكتبه أخونا علي، وسيشعر من نفسه أنه يترقّى علما وذوقاً. فحديثه اليوم من أنفس ما سمعتُ من كلام المتصوفة، ومن أعلاه وأصدقه.. يذكرك بكلام سلفنا الصالح من كبار المتصوفة والزهاد العارفين. بل أقول: ما سمعتُ مثله في زمننا هذا.
نسأل الله تعالى أن يجزي الأستاذ علي عنا كل خير وأن ينفعنا بما يكتب.. آمين.
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

20 ديسمبر 2017 02:26

جزاكم الله خيراً أستاذ الياس فقد وصفت الأمر وصفا دقيقا ..
وان الفقير لله تعالى على ضعفه لم أستفد من أحد في التصوف كما استفدت من سيدي علي الصوفي جزاه الله عني وعنا كل خير ولم أقرأ ولم أسمع لأحد حديثا في التصوف في هذا العصر يصدق أن يقال فيه حديث عهد بربه كما سمعته من سيدي علي لدرجة أني لم أعد أقبل أي كلام آخر لرقيه وعلوه وفوائده التي لم أجدها عند غيره ..
وله في القلب تأثير عجيب لايوصف ..
ولكن قصر الهمم من شأن النفس وعيوبها ..
نسأل الله الثبات والعفو والمسامحة .
ماهر بركات
عضو جديد
مشاركات: 21
اشترك في: 29 إبريل 2017 12:28
آخر نشاط: 24 إبريل 2019 22:07
مكان: السعودية
اتصال:

21 ديسمبر 2017 04:27


يا سادة يا كرام والله ما تكتبوه من الثناء خيرا على العبد الفقير ما هو غير حسن ظن منكم بينما الأولى بالثناء والمدح من كان سببا في تعليم العبد الفقير وأذكر بداية شيخنا سيدي إسماعيل الهادفي رحمه الله تعالى ثمّ شيخنا الرجل الصالح العارف بالله سيدي فتحي بن أحمد السلامي الذي والحق يقال تعلمت على يديه الكثير الكثير وصحح لي الكثير من المفاهيم في التصوف وبكل صراحة كان له الفضل على العبد الفقير بعد الله سبحانه وتعالى

فأقول جزاه الله تعالى خير الجزاء عنا وعن جميع إخواننا وجميع المسلمين اللهم آمين فكم صحح من مفاهيم وصوّب من أخطاء وصبر وذاكر وبلّغ ...ومن لم يعرف فضل المربين عليه فهو والجماد سواء

فيا سيدي ماهر بركات ويا أستاذ إلياس بلكا أنتم تثنون على الفرع وتتركون الأصل فما صححت لأحد مفهوما واحدا في مجال مبادئ التصوّف إلا بعد أن صححه لي العارفون قبل ذلك فأنا ناقل لا غير

أما بالنسبة لأعمالي وأحوالي اليومية فهي لا تدل بتاتا على ما أكتبه والعبد الفقير بكل صراحة لا أحبّ أن أكون كاذبا أو يمدحني الخلق بما ليس فيّ كما قال تعالى ( وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ) ثمّ الخطر الأكبر نجده في قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )

انظر كيف توجه هذا الخطاب للمؤمنين حيث خطر المقت عندما لا تتطابق الأقوال مع الأفعال كما قال تعالى ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ) فالدعاوى الكاذبة شيء والحقيقة شيء آخر

لذا كتبت هذه الشهادة على نفسي كما كتبت قبلها منذ سنوات شهادة أولى حتى يعرف الجميع حقيقتي وكوني لست عارفا بالله تعالى ولا شيخا مربيا ولا عالما تماما إذ أين هي شهائدي إذن في العلم لو كنت عالما ؟ ثمّ من أي الجامعات الشرعية تخرجت ؟ هذا من حيث الظاهر أما من حيث الباطن فأي من الشيوخ على وجه الكرة الأرضية قال بأني نلت المعرفة وفتح عليّ بالفتح الكبير على يديه ؟ الجواب : لا يوجد . إذن ما هو غير حسن ظنّ لا غير ..

أما المشايخ العارفين فهم المقصود اليوم وإليهم تشدّ الرحال لطلب الوصال

قال العارف الواصل الصوفي الكامل الجامع بين الشريعة والحقيقة سيدي بن عجيبة الحسني في شرحه " إيقاظ الهمم " ما نصه :

((( ... وقال شيخ شيوخنا سيدي علي الجمل رضي الله عنه في كتابه : أعلم أنه لا يقرب طالب الوصول إلى الله تعالى شيء مثل جلوسه مع عارف بالله أن وجده ثم قال الجلوس مع العارف بالله أفضل من العزلة والعزلة أفضل من الجلوس مع العوام الغافلين والجلوس مع العامي الغافل أفضل من الجلوس مع الفقير الجاهل كما إن العارف بالله يجمع بين المريد ومولاه بنظرة أو بكلمة كذلك الفقير الجاهل بالله ربما أتلف المريد عن مولاه بنظرة أو بكلمة فما فوقها يرحم الله سيدي المجذوب حيث بقول، الجلسة مع غير الأخيار، ترذل ولو تكون صافي )))

ما استوقفني في هذا النصّ قوله ( والجلوس مع العامي الغافل أفضل من الجلوس مع الفقير الجاهل ) ويعني هنا بالفقير الجاهل أي المتصوف الجاهل لذلك قال بعدها ( كما إن العارف بالله يجمع بين المريد ومولاه بنظرة أو بكلمة كذلك الفقير الجاهل بالله ربما أتلف المريد عن مولاه بنظرة أو بكلمة فما فوقها )

لذا قيل في التصوف على لسان العارفين ( طريقنا كله جدّ لا هزل فيه ) أي لقوله تعالى ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ )

إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

21 ديسمبر 2017 19:36

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

الأخ الفاضل عابر السبيل ذكر إشارة : (قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي كلمته الخالدة "الاستقامة خير من الف كرامة" وهذا المعول عليه في الدين كله ليس فقط في طريق التصوف)

الأخ الفاضل طالب العلم كتب ما كتب و تعطلت عنده لغة الكلام فعوضها بتلاث نقط : (أحببتك من كتاباتك التي لمست فيها الصدق والأمانة والنور والحقيقة ...)

الدكتور إلياس بلكا كذلك ظن انه ختم جملته بثلاث نقط فقال : (فكلامه ينهِض الروح لتبحث عن ربها ، و يرفع الهمة في طلب باريها.. الخ). ثم عاد إلى وصفه مع وضع نفس الثلاث نقط : "( لذا فمن تدبر ووفقه الله فإنه سيستفيد كثيرا مما يكتبه أخونا علي، وسيشعر من نفسه أنه يترقّى علما وذوقاً. فحديثه اليوم من أنفس ما سمعتُ من كلام المتصوفة، ومن أعلاه وأصدقه..)
و ينتقل قائلا : يذكرك بكلام سلفنا الصالح من كبار المتصوفة والزهاد العارفين. و كأن لسان الحال يستدعي الكلمات فتأبى أن تسعف اللسان آنذاك ، حتى يستسلم قائلا : (بل ) اشارة إلى منتهى الحيرة فقال : (بل أقول: ما سمعتُ مثله في زمننا هذا).

و بدوري أزكي كلامه بأنه حتى كلمات العبد الموحد تكون عميقة بين عالم الكلمات فهي من جنس حاله تناسقا مع وحدانية المعبود لأن كل ذلك يدور في فلك الوحدانية و شؤونها فتجد كلام العارفين لا يتكرر و إنما يتجدد من تلقاء نفسه بتجدد الزمن تناسقا مع استمرار السير و لانهاية الكمالات و بما أنه تنزيل من التنزيل كما وصفوه فلن ينتهي التنزيل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها فالقرآن واحد و كل تنزيل لابد أن يتفرد عن الذي من قبله أو الذي يليه لتشمل صفة الوحدانية كل شيء

و قال شيخ شيوخنا رضوان الله عليهم جميعا :
مريدي لك البشرى أحفظ لي وصيتي * تأدب مع الفقرا لتسقى من خمرتي

نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

22 ديسمبر 2017 00:08

بارك الله في الجميع..
ما قاله السيد علي الصوفي عن شيوخه يمكن أن نستنبط منه علوّ شأن الشيخ إسماعيل الهادفي والشيخ فتحي السلامي رضي الله عنهما، إذ يُستدلّ على نوع الشيوخ ومرتبتهم بتلامذتهم وأحبابهم.
كذلك السيدة نور الصفا فهمتْ عني جيدا، إذ لا يمكن الإحاطة بالموضوع في كلمات، فلجأت إلى نقط الحذف..
وللحديث بقية إن شاء الله..
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:


العودة إلى “المنتدى العام”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد