صفحة 1 من 1

سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 11 يونيو 2017 02:15
بواسطة إلياس بلكا
السلام عليكم ورحمة الله،
أهلا بالأصدقاء،
عندي سؤال يخطر على بالي أحيانا. وعندي جواب عنه، لكن لا أدري مدى صحته..
لذلك أقدمه لكم جميعا، ليدلي من عنده علم بدلوه، وأخص منهم السيد علي الصوفي.
السؤال هو: لماذا لا يتحدّث المتصوفة كثيرا عن علامات الساعة و يوم القيامة وأهوال الآخرة.. لا تجد الكلام وافرا عن ذلك في كتبهم ولا في مجالسهم؟
بينما تجد عند بعض العلماء تآليف كثيرة واستفاضة في هذا الموضوع.
ما السرّ وراء عدم تركيز القوم على هذه الموضوعات وأمثالها؟
وجزاكم الله خيرا.

سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 11 يونيو 2017 03:21
بواسطة على الصوفي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم سيدي إلياس بلكا
بداية دعنا نستفيد من جوابكم على السؤال الذي طرحتموه بما أنه عندكم إجابة عليه ثمّ يدلي كل من لديه جواب بدلوه فالعلم مدارسة ومشاركة


سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 13 يونيو 2017 03:35
بواسطة إلياس بلكا
آمين.. بحول الله سأكتب ما عندي:
حين نفتح كتب الصوفية لا نجد في أكثرها حديثا عن القيامة وعلامات الساعة، ولا عن الآخرة وأهوالها، ولا عن الجنة ونعيمها، ولا عن النار وعذابها.. بينما إذا فتحنا كتب كثير من العلماء والمحدثين ونحوهم تجد عناية كبيرة عند بعضهم بهذه القضايا، بل خصصها بعضهم بتآليف مستقلة.
والسبب في ذلك أن المتصوف الصادق لا يهتم بالقيامة وعلاماتها، ولا يقف مع جنة ونار.. بسبب أن وجهته هي: الله سبحانه، والقلب له وجهة واحدة، فإذا امتلأ بالمراقبة والمحبة لا يبقى فيه مكان لغير الله، حتى لو كان من آيات الله في الوجود.. إذ هذا كله غير الله، والمتصوف يريد فقط وجه الله.
الأمر الثاني أن المتصوف الصادق من قامت قيامته في دنياه وحياته، إذ بقتل نفسه وأهوائها يكون قد "تروحن"، ويكون قد صلى الجنازة على نفسه الأمارة بالسوء.. فقد شهد القيامة في نفسه، فلا ينتظرها في غيره.
الأمر الثالث أن العبد إذا خاف اللهَ سبحانه وصدق في عبوديته، فإن الله سبحانه لا يجمع عليه خوفين، بما في ذلك خوف القيامة والآخرة.. بل يعطيه الأمن والأمان: ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.)
فالخلاصة أن المتصوف مشغول بشهود الله وصفاته، وما سواه هي أفعالـُه في الكون.
والله تعالى أعلم.

سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 16 يونيو 2017 22:29
بواسطة حنان المطيشي
كلام يريح النفس .

سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 19 يونيو 2017 03:03
بواسطة إلياس بلكا
في انتظار آراء أو علوم أعضاء المنتدى في هذا الموضوع.. شكر الله لكم.

سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 20 يونيو 2017 01:11
بواسطة على الصوفي

بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين وآله

أمّا بعد :

الجواب باختصار و إيجاز على السؤال من شقين :

- الأوّل : بخصوص العامة

ذكر الجنّة و النار ورد في القرآن بلا مزيد عليه و ورد أيضا في كثير من الأحاديث النبوية و هو من الأشياء المعلومة بالضرورة من الدين متى علمنا أنّ الإيمان بيوم القيامة و أهواله وبالجنة و النار ركن من أركان الإيمان أمّا تفصيل ذلك و بيانه و شرحه فقد بيّنه العلماء بيانات و تفصيلات متعددة بلا مزيد عليه كفي كتاب السمرقندي تنبيه الغافلين وغيره

أما التصوّف فهو علم قال في تعريفه المحققون فيما معناه ( هو علم يعرف به طريق السلوك و مراحل السير ) فهو علم تزكية بالأساس تدور مباحثه حول تزكية النفس و تصحيح الأعمال و تصفية الأحوال و تهذيب المقامات متى علمنا أنّ مقاصده سلوكية و مراميه توحيدية قال الشيخ زروق في قواعده " قد حُدَّ التصوف و رُسِم و فُسر بوجوه تبلغ نحو الألفين مرجع كلها لصدق التوجه إلى الله تعالى "

فذكر الجنة و النار من ترغيب و ترهيب ..إلخ من عمل الوعاظ خاصة و قد يكون هذا الواعظ صوفيا أو غير صوفي لأنّ الوعظ أمر عام فكم في كتب الصوفية من موعظة بالجنّة و النار و ترهيب و ترغيب بل هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يوعظ الصحابة و يحدثهم عن الجنّة و النار كما قال حنظلة رضي الله عنه ( يا رسول الله؛ نكون عندك تذكّرنا بالنّار والجنّة حتّى كأنّا رأي عين .. الحديث ) وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة وجلت منها القلوب و ذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ... الحديث ) قال ( وعظنا ..)

لكن بما أنّ الغالب على طريق الصوفية مباحث التربية والسلوك إلى معرفة ملك الملوك فلا تجد أقاويلهم إلا تحوم حول هذا المعنى لأنه علمهم و فنهم فهم أهل العناية به أكثر من غيره وهكذا تجد غيرهم من أهل الفنون كالمحدثين اشتغلوا بمباحث الفقه والمحدثين بمباحث الجرح والتعديل والمفسرين بالتفسير والأصوليين بالأصول لكن لا يخلو أحدهم من الحديث عن الجنّة و النار و البشارة و النذارة ..

لهذا فلا غرابة في ذلك بل عملوا على تخليص العباد من حرّ جهنم واسعادهم بدخول الجنة بما تراه في طرقهم من دلالة على ربهم و على سبل السعادة وطرائق الخلاص فوجهوا العباد لربهم و معبودهم و هذا غاية الفهم و النجاح

- الثاني :

بخصوص الخاصة

و هو أن المريد في سيره لا يلتفت إلى غير ربه فمقصده الحضرة الإلهية و الأنس القدسي من باب ما قاله صاحب الحكم في حكمه ( النعيم وإن تنوعت مظاهره إنما هو لشهوده و اقترابه و العذاب و إن تنوعت مظاهره إنما هو لوجود حجابه فسبب العذاب وجود الحجاب ، و اتمام النعيم بالنظر إلى وجهه الكريم )

لأنّهم أهل تحقيق فيردون الفرع إلى أصله و يشهدون الأشياء على نعت التحقيق فاشتغلوا بالخالق عن المخلوق وعلموا أنّ الأمر كله بيد الله و أنّ الجنّة لا نعيم فيها بذاتها و إنما المنعم بها هو الله تعالى و كذلك النار فلا عذاب فيها إلا بتعذيب الله فسلموا الأمر لله و لم يشتغلوا بما سواه وعلموا أنّ التوجه إليه باب الخلاص والعطوف بين يديه هو مفتاح الفوز والنجاة نظروا إلى الاشياء من حيث اصولها يتلو لسانهم قوله تعالى ( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) لعلمهم أنّه الذي يقيهم عذابها ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا )

أما ساداتنا من أهل المعرفة والكمال فلا يلتفتون إلى جنّة أو نار لفنائهم في جمال الواحد القهار فليس لهم عن أنفسهم ولا غيرهم أخبار يتقلبون كيف شاء الله بهم في مجاري الأقدار فإن عفا فمن باب فضله و إن حاسب فمن عدله كما قالت رابعة العدوية ( لا أعبدك طمعا في جنتك أو خوفا من نارك ) أولائك ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ )


سؤال لِم لا يتحدث الصوفية عن القيامة وعلاماتها

مرسل: 22 يونيو 2017 03:15
بواسطة إلياس بلكا
الشكر موصول لأخينا علي الصوفي على هذا الجواب الوسط، بلا إجمال مخل ولا إفراط ممل.