رياض الواصلين >> التصوف و السلوك >> العطايا الإلهية بشرح الحكم العطائية

15 نوفمبر 2017 23:43


بتاريخ أكتوبر 2008

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين

الحمد لله الذي أشرق أنوار محبّته في قلوب أوليائه فأصبحوا بذلك مستبشرين , وحلاّهم بنور جماله ورقاهم إلى دوام وصاله فهم عنده متنعّمون ,السابقون السابقون أولائك المقرّبون.

أما بعد :

فانّ خير ما شدّت اليه الرحال الى بلاد الوصال طلب العلم والحكمة فهما أخوان شقيقان وصديقان حميمان " اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا "

المتمعّن في " الحكم العطائية " لسيدي بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه التي سارت بذكرها الركبان وتناقلها أجيال الصوفية في كل مصر وعصر غاية الإعتناء والإتقان تمعّن المنصف العالم والسائر والواصل لا جرم أن يعترف بما حوته تلك الحكم من شرح لطرائق السير إلى ميادين الأنوار وتفصيل لقواعد الوصول إلى مشاهد الأسرار

فرضي الله عن متلقيها في حضرة الالهام من خزائن الأفهام وقد قال فيها العلماء بالله تعالى ما لا يحصى من الثناء والشكر , وتاه من تاه منهم بالغيبة فيها والسكر, وقد سمعت شيخنا العارف بالله سيدي فتحي السلامي القيرواني رضي الله عنه يقول " لا يوجد عارف بالله تعالى على وجه الأرض من لا يحفظ كتاب الحكم بعد حفظه لكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم " .- أي حفظ لمعانيها - خاصّة إذ ليس العبرة باللفظ بل العبرة كل العبرة بالمعنى فالعالم من وصل إلى عالم المعاني لا الحافظ لمجموع المباني

لذا أعمل فيها السادة الكرام من العارفين الأعلام أقلامهم ونتائج أفهامهم شرحا وتفسيرا , وبيانا وتفصيلا , كل بحسب مشرب ذوقه وحضرة فهمه , فرضي الله عنهم وأرضاهم بما أسدوه من الخير الجزيل إلى المسلمين في تفهيم الدين على قواعد الصراط المستقيم

لله درّهم من أعلام

هؤلاء آبائي فجئني بمثلهم * اذا جمعتنا يا جرير المجامع

لمّا تفكّر هذا العبد الفقير في تلك الحكم بعد اطّلاعه على بعض شروح الشارحين تبادرت الى ذهني فكرة غالبة وهي عبارة عن محاولة أن أكتب ما يجريه الله تعالى على قلبي من أنوار تلك الحكم بأسلوب مغاير وهو شرح كل حكمة بما يناسبها من حكم أخرى تكون على منوالها ونفس سياقها

لا أدّعي فيما أكتب العلم ولا الحكمة تماما وانّما فقط تدارس العلم مع أهله كما أنه لا أرى كلامي بالذي يعتمد عليه في هذا الباب مقارنة بتأصيل وتفصيل وشروح ساداتنا العارفين ممن جمعوا بين الشريعة والحقيقة على وجه الكمال فالمرجو الرجوع إليها

أرجو من القارئين أن لا يبخلوا علينا بنصائحهم وملاحظاتهم وتنبيهاتهم

نكتب إن شاء الله تعالى متن كل حكمة باللون الأحمر ثم نلحقها بالشرح ثم بما يناسبها من الأبيات الشعرية - غير موزونة - .

آخر تعديل بواسطة على الصوفي في 16 نوفمبر 2017 01:32، تم التعديل 5 مرات في المجمل.
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:21



قال العارف الواصل الصوفي الكامل الجامع بين الشريعة والحقيقة سيدي ابن عطاء الله الاسكندري رضي الله عنه في الحكمة الأولى من حكمه :

( من علامات الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وقوع الزلل )

أقول وعلى الله القبول :

- متى استخدمك فذلك فضله , ومتى منعك فذلك عدله .

- ربّما استخدمك ظاهرا ومنعك باطنا , وربّما استخدمك باطنا ومنعك ظاهرا , وربّما استخدمك ظاهرا وباطنا .

- ما أنت عمّال اذا طلبك عدله , فربّ عمّال أهلكه العدل , وما أنت بطّال اذا أدركك فضله , فربّ بطّال أسعده الفضل .

- أمرك بالعمل ونهاك عن الاعتماد عليه لتقصده , ومتى ما غيّبه عنه فلتشهده .

- مطلبه منك شهودك الفاقة إليه فيها , ليحققك بأنوار صفاته , ومن ثمّ ليجمعك على عين ذاته .

- ترك العمل جهل بما تطلبه الصفات , واعتماد عليه جهل بحقوق الذات .

- العاقل من يرى أعماله ودائعا على جوارحه مأمور بردّها في آجالها .

- لا تستكثر عملا لا تشهد فيه نعمته , كي لا تستقلل عملا قصدت به حضرته

- العمل اذا لم يصاحبه نور العلم عدمت ثماره وذبلت أزهاره.

- حقيقة العمل ما طلبه منك في الوقت , وربّ عمل استحسنته جرّ عليك المقت .

- النيّة خير من العمل متى قصدته به والا فهي أشرّ منه .

- اتقان الأعمال علامة وجود آثارها , وعدم الاعتماد عليها علامة ورود أنوارها , والغيبة عنها علامة شهود أسرارها

- فعامل لها باعتبار وجود الآثار , وغير معتمد عليها باعتبار حلول الأنوار , وغائب عنها باعتبار معاينة الأسرار

- العمل مهما حسن فهيهات أن يليق بجماله , ومهما كمل فهيهات أن يليق بكماله .

- العمل قد تتساوى مظاهره وتفترق فيه النوايا , فربّ طالب للحظوظ , وربّ طالب للشهود

- العمل متى حسن باطنه صدّقه ظاهره , ومتى صلح ظاهره صدّقه باطنه .

- متى اعتمدت على عملك فقد أوجبت عليه حقوقا , وهو لا يجب عليه شيء

- العمل قسمان : ظاهر وباطن , فما لم يصلح باطنه لا عبرة بظاهره , وما حسن باطنه صدّقه ظاهره

- مريد ثواب عمله مستدرج بحظّ نفسه , وقائم بحق شكره متنعم في حضرة أنسه


جمعت كلّ هذا في أبيات :

اسقاط الأعمال * اتلاف للعبادة

عليها الاعتماد * نقص في الشهادة

قول صحّ فيها * محو للبلادة

قم بأمر نهي * بداية الافادة

توجّه لا تعتمد * قصدا للارادة

غب عنها وزد * تنال السيادة

إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:31


الحكمة الثانية :

( ارادتك التجريد مع اقامة الله اياك في الأسباب من الشهوة الخفيّة , وارادتك الأسباب مع اقامة الله اياك في التجريد انحطاط عن الهمّة العليّة )

الشرح :

- متى ما قلّ فهمك عنه قلّ علمك به

- الأسباب لا تحجبك عنه متى ما أقامك فيها اذا تحقق فهمك عنه .

- لو أراد منك التجريد ما فتح لك باب التعرّف اليه فيها .

- ارادتك التجريد مع اقامة الله اياك في الأسباب , وارادتك الأسباب مع اقامة الله اياك في التجريد , دليل عدم عمارة قلبك به في الحالتين .

- ما ذمّ لك الأسباب من حيث وجودها, فهو الذي أوجدها, بل من حيث وقوفك معها .

- فما ذمّ الا وقوفك , قال تعالى " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " فما قال ( لا يتاجرون ولا يبيعون ) بل قال ( لا تلهيهم ) لذا نعتهم بوصف الكمال ( رجال )

- قد لا تجد في التجريد ما كنت تلقاه من عطاياه في الأسباب فينقلب عليك فتنة ( والفتنة أشدّ من القتل )

- أقامك في مقام الكمال في أوّل قدم , فنهاية المتجرّدين الرجوع الى الأسباب ( فشدّي اليك بجذع النخلة )

- أقامك في الأسباب متعرّفا اليك فيها , فلا تنزل الى سماء الحظوظ .

- لو كان طلبك له حقا لكان حرصك على اقامته اياك في الأسباب أشدّ منك اعتناءا من ارادتك التجريد .

- التجريد والسبب متساويان من حيث نظره لا من حيث نظرك , ومن حيث قربه منك لا من حيث قربك منه .

- عنايته بك اقامته ايّاك في الأسباب , اذ محال أن يفتح لك باب التعرّف اليه وهو مقيمك في غير طريق الوصول .

- طلبك له لا يفوت بأسباب ولا يحصل بتجريد , فما جرت به قسمته أجراه عليك بأسبابه .

- الشهوة شهوتان : جليّة , قال تعالى :" منكم من يريد الدنيا "

وخفيّة , قال تعالى : " ومنكم من يريد الآخرة " .

- مراده منك قطع ارادتك لها لا قطع ذات الحظوظ , ليتمّ نعيمك بقربه فيها , كي لا تكون عليك حجابا وتنقلب في حقك عقابا .

- انّما كانت الشهوة خفيّة لتعلّقها بالحظوظ الغيبيّة , فكلّما تلطّف الحظ خفيت الشهوة .

- متى ما أقامك في شيء انّما أراد تغييب نظرك فيه عن الحظوظ ليمتّعك به في حضرة الشهود , كي لا تأنس بسواه , ولا تشرب بغير كأس معناه .

- استشعارك اقامته اياك في الأسباب سيف قاطع لمراداتك .

- ظنّك أنك لا تصل اليه الا في التجريد عزوف منك عن باب فضله , فطال الطريق عليك .

- التجريد : تجريد الظاهر عن الراحة والكسل والباطن عن الحظوظ والعلل .

- التجريد ما جرّدك عن حسّك ومعناك وبقايا دعواك ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أوّل مرّة )

- علامة اقامة الله لك في التجريد قوله تعالى :" يريدون وجهه "

وعلامة ارادتك الأسباب قوله تعالى :" تريد زينة الحياة الدنيا "

- التجريد من مقتضى اسمه الباطن ( فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته )

- التجريد سلبه لوصفه منك أن تدّعيه .

- متى ما أقامك في التجريد فقد أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة .

- ارادتك الأسباب نزول منك الى حسّ الأكوان , واقامته اياك في التجريد عروج بك الى مقام الاحسان .

- التجريد مقام الأكابر ( قال انك لن تستطيع معي صبرا )

- اقامته اياك في التجريد قبول منه لك , فكن مع قبوله لا مع تجريدك ( فتقبّلها ربّها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا )

- ما أقامك في التجريد الا وقد تكفّل لك برزقك ( كلّما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا )

- التجريد محراب قدسه , ليس فيه غير اسمه ووصفه .

- ارادتك التجريد طلبك له بالحظوظ , وارادتك الأسباب طلب الحظوظ به .

- ارادتك التجريد بشهوتك الخفية أهون سوء من ارادتك الأسباب وانحطاطك عن الهمة العليّة .

- التجريد مع طلب الحظوظ طريق العبّاد والزهّاد .

- ما أقامك في شيء الا وحلّت فيه أنواره وبركته عليك , فحصدت ثماره وعطّرتك أزهاره .

يا طالب التجريد بنفسك * ان الناقد بصير بيأسك

بالتجريد يا فتى فلا تقل * اذا أقامك في السهل بفأسك

يدان يحبهما الله ورسوله * لأشرف من التيجان برأسك

بسعي عليك وعلى عيالك * سلوك محقق بهاء قدسك

بذكر قليل مع فراغ قلب * وصفاء روح أسّ أساسك

فهذا صحيح مجرب عندنا * هذا الباب فاترك قياسك

وبالتجريد يا ربي قالوا به * تيها عن الأكوان بكأسك

لو عادوا النفس فذا محال * عبادة خلق جنّك وناسك

فذا التحقيق في الحالتين * فشدّ أخي بنابك وأضراسك


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:34


متن الحكمة الثالثة

( سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار )

الشرح :

- الهمّة مركوبك كيفما كانت والقدر سائقها .

- مسارعة الهمم الى مجاري أقداره من حيث رضاهم به وتسليمهم فيه , والا فهي موطن العالمين ( كلّ شيء خلقناه بقدر )

- انفعال الأشياء للهمم متى ما وافقت أقداره والا انفعلت هي لها .

- الهمم متى ما توجهت الى غيره وطلبت حصوله أدّبتها أقداره

- انما انفعلت لك الأشياء متى أراد ليطلعك على ما في طاعته من عجب , ومتى لم يرد ليرجعك الى حسن الأدب .

- نسبة همّتك السابقة الى حكم قضاه وقدره , كنسبة علمك الى علمه .

- متى ما وافق حكم القضاء توجّه همّتك فلا تدري عاقبة ذلك

- انفعلت لك الأشياء ليدلّك على نفوذ قدرته , وأحاطك بسور القدر لتبرأ من نسبتها اليك ( قال ربي أرني كيف تحيي الموتى )

- القلم مداده العلم وحروفه القدر والقارىء الهمم .

- متى نازعت سوابق الهمم سوابق الأقدار قتلت بسيف العلم .

- توجّه الهمم توجّه حال والمجيب القدر في مظهر القضاء .

- قد يقضي لك حاجتك بتوجّه همّتك اذا علم اضطرارك ( أمّن يجيب المضطرّ اذا دعاه )

- اللسان متى ما وافق الحال صار اضطرارا ومتى ما وافق الحال الهمّة صار انفعالا .

- ( ربّ قد مسّني الضرّ وأنت أرحم الراحمين ) سؤال بحال

- ( ربّ أرني أنظر اليك ) سؤال بهمّة

- الهمم السابقة تجانسها الأحوال لا العلم لذا كانت تحت حكم أقداره .

- الهمم العليّة تنفعل لها الأشياء لصفاء أسرارها ولطافة أنوارها (قال أنا آتيك به قبل أن يرتدّ اليك طرفك ).

والهمّم السفليّة فلسموم نارها ( وما هم بضارّين به من أحد الا باذن الله ).

- في الحديث الشريف Sad كادت العين أن تسبق القدر ) في بطشها بجانب رحمة الله في قدره والا فهي تحت سلطانه ( ما شاء الله لا قوة الا بالله )

- قوم يضطرّون فيتوجّهون وقوم توجهوا اليه فكفّ اضطرارهم لسواه .

- انفعال الأشياء لقضائه وقدره قدرة وتوجّه همّتك اليها حكمة فآتاك الحكمة وتفرّد لنفسه بالقدرة ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )

- أعطاك التصريف في الأكوان من حيث تصريف أقداره فيك

- همم أولي الأبصار , مساكنها في مجاري الأقدار .

- الهمم متى انفعلت لها الأشياء فمن حيث نسبتها من الله , وتنفعل هي للأقدار من حيث نسبة الله منها .

- همم العارفين لا منازعة لها للأقدار لفنائها في أوصاف الواحد القهّار

- يكفيك من منازعتك لأقداره نسبة الظلم اليه ( ولا يظلم ربّك أحدا )

- توجّه الهمم بحسب كوامن القلوب .

- الرجال يتسارعون بالهمم ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)

- والكاملون يتمايزون بالقرب ( السابقون السابقون أولائك المقرّبون )



أيا سائلي عن الهمم * خذ وصفا من جوامع الكلم

قال يا غلام فلا ترى * نفعا وضرّا فذا القضا

دلّه وهو سامع رديف * الصائر جفّ في الصحيف

لو كانت تخرق القدر * يعقوب ما فقد البصر

ولمّا جاء المرسل بشيرا * بهمّة يوسف ارتدّ بصيرا

لتبقى في قدره الخارقات * بتوجّه الهمم في الكائنات

فجعل لك الكسب البسيط * داخل سور بحره المحيط

لا اختراق ما به الأقدار * جرت في سائر الأعمار

ما اختاره عكس ما تظنّ *لست مجبورا في هذا الفنّ


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:42


الحكمة الرابعة :

( أرح نفسك من التدبير فما قام به غيرك عنك لا تقم به أنت لنفسك )

الشرح :

- التدبير جولان الفكر في عالم الأغيار تلتمس النفس حظوظها

- التدبير خاطر النفس في عالم الحسّ

- النفس متى دبّرت قدّمت حظوظها وأخّرت حقوق الله عليها

- التدبير والاختيار سبب حياة النفس وموتها لا يتحقق الا بسيف الرضا والتسليم

- التدبير خاطر النفس لذا لا يكون الا حارّا تجد دخانه ولو بعد حين

- انما كره لك الاختيار والتدبير لأنّه العليم القدير

- تدبيره لك رفعا لك منه الى باب حضرته , وحسن اختياره من تمام نعمته ( وان تعدو نعمة الله لا تحصوها )

- علامة ترك التدبير والاختيار شروق القلب بواردات الأنوار

- لا تنزل الى حظوظ التدبير بعد أن أحسن لك الاختيار فتخرج من حضرته الى حجاب نقمته ( قال ما كان لك أن تتكبّر فيها )

- لا تصل اليه حتى يصبح تدبيرك طاعة وامتثالا , واختيارك قربا منه واقبالا

- تدبير العارف امتثال في الأوقات بحسب الواردات

- انّما قام عنك بما لم تقم به أنت لنفسك ليشهدك سبق اعتنائه بك , فتستريح بعبادته , وتستأنس بلطف معاملته

- كره لك التدبير لعلمه بجهلك بتدبيره اذ أن التدبير الحق لا يكون الا به

- حرارة التدبير والاختيار شكوى أهل الارادة

- تدبيره لك وصف له وفق علمه بك فأحسن لك الاختيار وهو لم يختر لك سواه

- تدبيرك واختيارك تواكل من حيث علمه وتدبيره لك توكّل عليه ( ومن يتوكّل على الله فهو حسبه ) ( حسبنا الله ونعم الوكيل )

- المتواكل الذي لا يشهد سبق تدبيره فلم يحصّل ثمرة والمتوكّل من حصّلها فقلّ تدبيره

- التدبير من حيث علمه بك عطاء ومن حيث علمك به رجاء ومن حيث جهلك به منع ومن حيث موافقتك لهوى نفسك هلاك

- ترك التدبير لا يتحقّق الا بالفناء في صفاته والتدبير به بقاء منك في حضرة ذاته

- خوفك من الفوات , دليل جهلك بما هو آت , فلو عاينت حسن اختياره , لبادرت الى جنّة مجاري أقداره

- القضاء والقدر لموت النفوس , والتدبير احياء لها

- انّما تركوا التدبير والاختيار لصفاء معانيهم من خيالات الأغيار

- تدبيره لك من حيث ما أراده منك من الامتثال , فمحال أن يدبّر لك غير ما يريد

- أمرك بالتدبير في الذي يدلّك عليه ودلّك على اختيار أحسن ما يوصل اليه , ليوافق تدبيرك تدبيره فيغطّي أوصافك بأوصافه

- ما قام به عنك وصف كرمه لك ولطفه بك فشهودك لتدبيره وحسن اختياره شكرا لنعمته وحمدا لمنّته

- تدبيره لك وحسن اختياره يرتقي معك في كلّ مقام وهو لا يريد أن يكون لك عند غيره مقام

- متى ما وافقت أمره أحسن لك الاختيار , ومتى خالفته أحالك لتدبيرك فجلب لك الهمّ والأكدار

- لولا نفوذ قدرته فيك ما حبّب اليك ترك التدبير , ولو لا علمه بك ما أحسن لك الاختيار

قال ابن عطاء في التدبير *** حاذر منه فانّه التقصير
قال شيخنا قبله الحسن *** شكوت حرّه لسيّد هذا الفنّ
التدبير يا غلام فلا تقف *** اسقاط اختيار هذا الوصف
تدبيره لك أحسن تدبير *** خلق الخلق ما لهم تخيير
تمعّن في كلامه ترى *** وصف قدره أحاط بالورى
تدبيرك شغل فؤادك بغيره *** فأوقفك عند أمره ونهيه
أمره ونهيه بداية التدبير *** بالامتثال باح وارد التنوير
باح بالتدبير في الامتثال *** ظهرا وبطنا في الأعمال
لتكون رهن أمره بتدبيرك *** ونهيه في أنفاسك وتخييرك
فما مجال بقى لتختار *** غير ما به جرت الأقدار
ترك التدبير جلبا للمصالح *** بنور الوارد طرحا للمطالح
ما جرت لك به الأقدار *** تدبيره لك بحسن اختيار
الفرق بين الكسب والتدبير *** كالفرق بين القدر والتجبير
ليس بتركه اسقاط للعمل *** تهاطل الأمطار بسبب الجبل
الجبل اليه هل من تدبير *** فأفهم يا صاحب التفسير
لولا الأسباب في الأجل *** ما قال اعقل الجمل
فالخلط ميدانه التشكيك *** والفصل اشاراته تكفيك

آخر تعديل بواسطة على الصوفي في 16 نوفمبر 2017 01:27، تم التعديل مرة واحدة.
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:45



الحكمة الخامسة :

( اجتهادك فيما ضمنة لك وتقصيرك فيما طلب منك دليل على انطماس البصيرة منك )

الشرح :

- ما ضمنه لك وصف ربوبيته لا ينفكّ عنك , فاجتهادك في طلبه اتهام له منك.

- اجتهادك فيما ضمنه لك يوكلك الى نسبة الفعل اليك , ( قال انّما أوتيته على علم عندي ) وهو لا يرى غيره فاعلا .

- فتح لك باب التوكّل عليه في حكمة الأسباب , لئلا تتواكل .

- الرزق متى شهدت فيه اجتهادك كساه بجلال النقمة , فلم تسر فيه بركته عليك , ومتى شهدت فضله عظمت النعمة لديك .

- ما ضمنه لك جعله سببا في قيام بشريتك في هذه الدار , وما طلبه منك ادّخره لك نعيما في دار القرار .

- مراده منك استشعار ما ضمنه لك كأنّه حاضر بين يديك , وانّما حجبك عنه كي لا تسكن اليه .

- لا يقلّ اجتهادك فيما ضمنه لك الا بانقداح نور بصيرتك , واستقرار يقين سريرتك , لذا أشار لك بقوله ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فدلّك على السماء محلّ البصيرة واليقين .

- انّما أشار لك الى السماء مكان العلو لينبّهك بأن اجتهادك فيما ضمنه لك لا قدرة لك عليه , ولا حيلة منك في الوصول اليه , فتحا لباب التوكّل عليه.

- انّما أشار لك الى السماء تعريفا لك بأوصافه لديك , ودلّك بوعده على مجيء أرزاقه اليك .

- انّما أشار لك الى وجوده في السماء لعلمه بكثافة حسّك بما تشهده من الرزق الكثيف , فدلّك على معانيه , كي لا تسكن الى وهم مبانيه , فتنطمس منك البصيرة .

- علم تشوّف نفسك الى تحصيل ما ضمن له فنبّهك على وجوده في السماء , دافعا بك الى بابه , وآخذا بك الى رحابه .

- ما ضمنه لك انّما أراد أن ينبّهك على أنّه زادك في الطريق اليه , وأنّ ما طلبه منك مركوبك في القدوم عليه.

- ما طلب منك حتى ضمن لك , كي لا يشغلك عنه شاغل , ولا يقطعك عنه قاطع ( ولقد آتاكم من كلّ ما سألتموه ) أي في الطريق اليه .

- البصيرة اذا انقدح نورها , وسطع شعاعها , لم تدلّك الا عليه , ومتى انطمست أوكلك الى ظلامها.

- ما طلبه منك ليس بشاقّ عليك , قال تعالى Sad يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) فخفّف عنك في مختلف أحوالك , كي يدوم بقاؤك في حضرته , وتتواصل اليك نعمه .

- ما أمرك الا جذبا منه اليك , وما نهاك الا ليدلّك عليه .

- أمره حضرته , ونهيه جنّته , أمره ( أسجدوا لآدم ) ونهيه ( ولا تأكلا من هذه الشجرة )

- قد يرزقك الطاعة ولا يرزقك نيّة القصد اليه , متى طلبت بها الحظوظ , وقد يرزقك نيّة القصد اليه ولا يوصلك الى حالة الفناء فيه والبقاء به , متى وقفت مع أغياره في تجلّيات أنواره .

- ما طلبه منك انّما طلبه ليحققك بأوصافك لئلا تكون بها جاهلا , فتكون لغيره أجهل.

- أراد بما طلبه منك القيام بحقّ الشكر فيما ضمنه لك ليمنحك منه المزيد ( ولئن شكرتم لأزيدنّكم )

- ما ضمنه لك ليس له حدّ ولا غاية ينتهي اليها , اذ أن ضمانه لك من آثار أوصافه , وهذا غاية تكريمك , ونهاية تنعيمك

- اجتهادك فيما طلبه منك هو عين اجتهادك فيما ضمنه لك متى انفتحت عين بصيرتك , واستنارت مشكاة سريرتك


اجتهاد في الرزق ضمن *** همّ قلب مع حزن
مجيء الرزق يا فطن *** بلا اجتهاد فيما ضمن
الرزق قسمة بها جرى ***قدره بتوكّل ورجاء
اجتهادك فيما طلب *** سلوك عبد بالأدب
اقباله يا من طلب *** سرّ ذاته فذا العجب
لو بصيرة من رأت *** وسبق همّة بك علت


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:47



الحكمة الخامسة :

( اجتهادك فيما ضمنة لك وتقصيرك فيما طلب منك دليل على انطماس البصيرة منك )

الشرح :

- ما ضمنه لك وصف ربوبيته لا ينفكّ عنك , فاجتهادك في طلبه اتهام له منك.

- اجتهادك فيما ضمنه لك يوكلك الى نسبة الفعل اليك , ( قال انّما أوتيته على علم عندي ) وهو لا يرى غيره فاعلا .

- فتح لك باب التوكّل عليه في حكمة الأسباب , لئلا تتواكل .

- الرزق متى شهدت فيه اجتهادك كساه بجلال النقمة , فلم تسر فيه بركته عليك , ومتى شهدت فضله عظمت النعمة لديك .

- ما ضمنه لك جعله سببا في قيام بشريتك في هذه الدار , وما طلبه منك ادّخره لك نعيما في دار القرار .

- مراده منك استشعار ما ضمنه لك كأنّه حاضر بين يديك , وانّما حجبك عنه كي لا تسكن اليه .

- لا يقلّ اجتهادك فيما ضمنه لك الا بانقداح نور بصيرتك , واستقرار يقين سريرتك , لذا أشار لك بقوله ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فدلّك على السماء محلّ البصيرة واليقين .

- انّما أشار لك الى السماء مكان العلو لينبّهك بأن اجتهادك فيما ضمنه لك لا قدرة لك عليه , ولا حيلة منك في الوصول اليه , فتحا لباب التوكّل عليه.

- انّما أشار لك الى السماء تعريفا لك بأوصافه لديك , ودلّك بوعده على مجيء أرزاقه اليك .

- انّما أشار لك الى وجوده في السماء لعلمه بكثافة حسّك بما تشهده من الرزق الكثيف , فدلّك على معانيه , كي لا تسكن الى وهم مبانيه , فتنطمس منك البصيرة .

- علم تشوّف نفسك الى تحصيل ما ضمن له فنبّهك على وجوده في السماء , دافعا بك الى بابه , وآخذا بك الى رحابه .

- ما ضمنه لك انّما أراد أن ينبّهك على أنّه زادك في الطريق اليه , وأنّ ما طلبه منك مركوبك في القدوم عليه.

- ما طلب منك حتى ضمن لك , كي لا يشغلك عنه شاغل , ولا يقطعك عنه قاطع ( ولقد آتاكم من كلّ ما سألتموه ) أي في الطريق اليه .

- البصيرة اذا انقدح نورها , وسطع شعاعها , لم تدلّك الا عليه , ومتى انطمست أوكلك الى ظلامها.

- ما طلبه منك ليس بشاقّ عليك , قال تعالى Sad يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) فخفّف عنك في مختلف أحوالك , كي يدوم بقاؤك في حضرته , وتتواصل اليك نعمه .

- ما أمرك الا جذبا منه اليك , وما نهاك الا ليدلّك عليه .

- أمره حضرته , ونهيه جنّته , أمره ( أسجدوا لآدم ) ونهيه ( ولا تأكلا من هذه الشجرة )

- قد يرزقك الطاعة ولا يرزقك نيّة القصد اليه , متى طلبت بها الحظوظ , وقد يرزقك نيّة القصد اليه ولا يوصلك الى حالة الفناء فيه والبقاء به , متى وقفت مع أغياره في تجلّيات أنواره .

- ما طلبه منك انّما طلبه ليحققك بأوصافك لئلا تكون بها جاهلا , فتكون لغيره أجهل.

- أراد بما طلبه منك القيام بحقّ الشكر فيما ضمنه لك ليمنحك منه المزيد ( ولئن شكرتم لأزيدنّكم )

- ما ضمنه لك ليس له حدّ ولا غاية ينتهي اليها , اذ أن ضمانه لك من آثار أوصافه , وهذا غاية تكريمك , ونهاية تنعيمك

- اجتهادك فيما طلبه منك هو عين اجتهادك فيما ضمنه لك متى انفتحت عين بصيرتك , واستنارت مشكاة سريرتك


اجتهاد في الرزق ضمن *** همّ قلب مع حزن
مجيء الرزق يا فطن *** بلا اجتهاد فيما ضمن
الرزق قسمة بها جرى ***قدره بتوكّل ورجاء
اجتهادك فيما طلب *** سلوك عبد بالأدب
اقباله يا من طلب *** سرّ ذاته فذا العجب
لو بصيرة من رأت *** وسبق همّة بك علت


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:49


الحكمة السادسة :

( لا يكن تأخّر أمد العطاء مع الالحاح في الدعاء موجبا ليأسك , فهو قد ضمن لك الاجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك , وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد )

الشرح :

- يكفيك من الدعاء استجابة أن أرجعك به الى وصف عبوديتك , وأوقفك به عند حدود هويّتك

- الهامه لك بأن أوقفك بين يديه في دعائك قبول لك منه , وما طالبه أنت منه يستجاب بقدر اخلاصك واقبالك عليه

- دعاؤك له توجّه منك اليه , وما أنت طالبه منه توجّه نفسك اليه , فما أخّر عنك ما حرصت عليه , الا ليدوم ذلّك وفقرك بين يديه

- ما أعطاك الا ليدوم اقبالك عليه , وما منعك الا لتتوجّه اليه , فهو في كلّ ذلك متعرّف اليك , ومقبل بوجهه عليك

- لا يستبطىء العطاء الا من فقد مدد الاجابة , فلو سرى فيك مددها , لرفعت عن القلب ستوره , ولعاينت هيكل نوره

- متى دعوت ولم ترد بالدعاء وجهه الكريم , فقد يعطيك في الوقت ومراده اخراجك من نعيم حضرته , الى بلاء فتنته

- الدعاء متى استجيب حلّت بالقلب دلائله , واتّصلت حبائله

- انّما فتح لك باب الاجابة في الدعاء لشهدك بالعطاء عظيم فضله عليك , ليكثر رجاؤك فيه

- دعاؤك له من حيث القصد منك الى حضرة ذاته , واجابته لك توّجها بتاج حكم تصرّف أسمائه وصفاته , فما أجابك الا في الوقت من حيث كرم ذاته , وما أعطاك الا في جمال أنوار أسمائه وصفاته

- علم شدّة اضطرارك في مختلف أحوالك ونوازل أطوارك فعددّ لك أسماءه وصفاته للتوجّه بها اليه , ليكفيك ما أهمّك , ويكشف عنك ما أغمّك " ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها "

- العارف لا يزيده دعاؤه الا اضطرارا , ولا عطاؤه الا ذلاّ بين يديه وانكسارا

- العارف كلّما أعطي زاده فقره اليه افتقارا , وكلّما منع تنعّم في المنع ذلاّ وانكسارا

- قد يعطيك ليمنعك متى أردت بدعائك الحظوظ , وقد يمنعك ليعطيك متى غيّبك عنك في مقام الشهود ( وسنجزي الشاكرين )

- ما أمرك بالدعاء لمجرّد نوال العطاء منه في اضطرارك , فما قد أعطاه لك سابق لوجودك , وانما أخّره عنك لتأخّر اقبالك عليه ( ولقد آتاكم من كلّ ما سألتموه ) أي قبل السؤال

- حقيقة الدعاء ما غيّبك عنك في وجود ذاته , وحقيقة العطاء بما نلته من بقاء في صورة أسمائه وصفاته

- متى يستبطأ العطاء من جوّاد كريم , ومتى يدبّ اليأس مع وجود العليم الرحيم ( وان تعدّوا نعمة الله لا تحصوها )

- لا تستبطىء الا عدم اقبالك عليه , ولا تيأس الا مقدرة نفسك بين يديه

- متى كان تأخر أمد العطاء سببا في يأسك فلعدم اقباله بوجهه عليك , وعدم اعتراف منك بنعمته التي بين يديك

- انّما كان الدعاء روح العبادة فلأنه لا يدلّك الا عليه , ولا يقذف بقلبك الا ذليلا بين يديه ( دعوا الله مخلصين له الدين فلمّا نجّاهم ) قال هذا في الكافرين , لما غار سرّ الاخلاص , بوارد مدد الخلاص ( وكذلك ننجّي المؤمنين )

- لو فهمت عنه لكان فرحك وسرورك بتأخّر أمد العطاء أقرب اليك من فرحك بذات العطاء , لما في تأخر أمد عطائه من اقباله عليك , وتدفّق حنانه ومحابه اليك


دعاء العبد بالأسحار *** نسيم الحضرة يا أخيار

عيّن لك وقت الدعاء *** أزمان لطف كالأزهار

فيها الدعاء بالايجاب *** مريد الذات لا أغيار

قال صدقا في الكتاب *** أجيب داعي لا يختار

أختار حسنا في الأزل *** مشكاة نوري المختار

اختيارك تابع هواك *** صفات جهل بلا أنوار

استعجالك لؤم لديك *** كرمي جارف كالتيّار

مرادي منك الانتساب *** لأهل فضلي الأطهار

دعاء صدق بالأسرار *** شمس عطايا كالنّهار
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:53



الحكمة السابعة :

( لا يشكّكنّك في الوعد عدم وقوع الموعود به وان تعيّن زمنه لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك واخمادا لنور سريرتك )

الشرح :

- ما وعدك الا فتحا لك لباب محاب حضرته اليك , وما ساق لك الموعود به الا من منّة خزائن فضله عليك

- مطلبه منك السكون الى وعده السابق اليك , لا الاطمئنان الى الموعود به لاحقا فتحجب به عليه

- وعدك وأعلمك أنّه لا يخلف الميعاد , ليثبّت بذلك يقينك , ويقيك من مداخل قرينك

- متى أطلعك على زمن الموعود به ولم يقع في الوقت المعيّن , فانّما أراد بذلك اختبار تصديقك بوعده بين يديه , ومدى يقين قلبك في التوكّل عليه

- متى سكن قلبك اطمئنانا بوعده حلّ عليك الموعود به في جمال حسن اختياره , و حكمة أقداره

- ما عاينته من زمن وقوع الموعود به انّما عاينته من حيث نور بصيرتك , واشراق فهم سريرتك , فما عاينته الا بحسب ما علمته , فمتى تخلّف زمنه انّما تخلّف من حيث قصور نفوذ بصيرتك , وخمود نور سريرتك

- وعده لك لا يتغيّر تعيين زمانه من حيث ألوهية ذاته , وانّما التبس الأمر عليك لتلوّن الموعود به في أحكام أسمائه وصفاته

- متى أطلعك على زمن الموعود به انّما أطلعك عليه من حيث علمك أنت لا من حيث علمه هو به ( والله واسع عليم )

- انتظارك زمن حلول الموعود به وترقبك له , من علامات سكون قلبك اليه , فكثر اغترارك , وخمدت أنوارك

- العارف من متى لم يقع الموعود به في الزمن المعيّن اتّهم تقصيره , وكسوف شمس تفسيره ( قد بيّنا الآيات لقوم يوقنون )

- من علامات تشكّكك في الوعد زيادة يقينك فيه عند وقوع الموعود به في الزمن المعيّن

- وعدك وأشار لك الى وسع علمه فيما وعدك به , كي لا يحجبك عنه بما به وعدك

- متى وقفت مع باطن الوعد دون الأدب مع ظاهره , أدّبتك أسماؤه وصفاته , ومتى وقفت مع ظاهره دون معاينة باطنه , أسدل عليك حجابه , وردّك الى بابه

- لو أدركت حقيقة الوعد لكان عدم وقوع الموعود به وان تعيّن زمنه دلالة لك على حسن اختياره , وتسليم منك لخفايا أسرار أقداره

- الوعد ليس هو عين الموعود به , فتصديقك صدر منك لوعده لك , لا لما به وعدك

- عيّن لك زمن الموعود به في لطائف أنواره متى وقفت معها , ومتى اخترقت عاينت صدق وعده لك في جميع تجلّيات أسراره

- بحسب تصديقك لوعده لك , يكون مستوى فهمك عنه في الموعود به

- متى فهمت عنه في وعده لك , حلّ عليك الموعود به مرفوقا بلطائف أنواره , ومغمورا بمحاسن اسراره

- فرحك بالموعود به بحظّ نفسك يفضي بك الى الاغترار به ( وغرّهم في دينهم ما كانوا يفترون)

- الوعد وعدان : وعد سابق , ووعد لاحق
الوعد اللاحق : تمكينه لك في أنوار تجلّيات أسمائه وصفاته في هذه الدار , والوعد السابق : تجلّيه عليك بكمال جمال ذاته في دار القرار

- فهمك لوعده لك يدلّك من حيث ايمانك على الأجور , ومن حيث ايقانك على تدفّق النّور , ومن حيث احسانك على مزيد الشكور

- العارف لا ينظر الى الوعد من حيث حظوظه فيه , وانّما من حيث حقوق الله فيه عليه - قال عليه الصلاة والسلام في بدر ( اللهم نصرك الذي وعدتني انّك ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض بعد اليوم )

- العارفون يطلبونه , والوعد يطلبهم ( رضي الله عنهم ورضوا عنه )


كان وعد ربّي حقّا لا يحولا ***** ثابت الكتاب صادقا مفعولا

محال في مطلق الصدق قيلا **** خلف وعد يا قارىء التنزيلا

زمانه ما رأيت قد خلف ****** محو لوح من اثبات فصف

بصدق وعد طرف لا يرفّ *****على الموعود عين لا تقف

موعوده رسول صدق وعده **** حسّا يأتي ومعنى من بعده

خلف حسّه قد معناه يحلّ ***** في الوقت يا من نوره أفل

سكونك لأصل مخرج فرعه *** تشكّك فروع ليس بجموع
********

جمعت ما سبق من الحكم من حيث الدلالة على الله تعالى :

- دلّك عليه بالعمل الذي يقبل لديه , دلّك عليه باقامته ايّاك في الأسباب والتجريد في القصد اليه , دلّك عليه بسوابق الهمم رفعا بك اليه , دلّك عليه بحسن اختياره وتدبيره لديه , دلّك عليه بما ضمنه لك من الرزق ليدوم اقبالك عليه , دلّك عليه بتعدّد نعمائه وجزيل عطائه لفقرك اليه , دلّك عليه بدعائه وسؤاله المجاب لديه , دلّك عليه بوعده لك الحاضر بين يديه .

وبالله التوفيق .

آخر تعديل بواسطة على الصوفي في 16 نوفمبر 2017 01:29، تم التعديل مرة واحدة.
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:55


الحكمة الثامنة :

( إذا فتح لك وجها من التعرف فلا تبال معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها عليك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك، و الأعمال أنت تهديها إليه، و أين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك )

الشرح :

- ما تعرّف اليك , الا في جمال ما قدّره بعلمه عليك

- ما تعرّف اليك الا في قهره وجلاله من حيث وصف عبوديتك , ليصفّيك من بقايا أكدارك , ويشرق لك نهار أنوارك

- انّما تعرّف اليك في أوصاف جلاله , ليشهدك قهر ألوهيته , وعظمة ربوبيّته

- بقدر تعرّفه اليك في أوصاف قهره وجلاله , تكون معرفتك به في تعرّف حسن جماله , وبقدر فهمك عنه فيهما يفيض عليك من بحر كماله

- انّما كان التعرّف اليك في أوصاف جلاله , ليردّك بذلك الى وصف عبوديّتك , ومعرفة حدود هويّتك

- انّما تعرّف اليك في أوصاف جلاله , ليسلب منك مراداتك , ويقطع عنك وهم خيالاتك

- ما تعرّف اليك الا في سلبه لوصفه منك أن تدّعيه في قهره وجلاله , ليتعرّف اليك في كلّ شيء , فلا ترى لغيره قدرة ووجودا , ولا لسواه جودا وشهودا

- متى تعرّف اليك في أوصاف قهره وجلاله , فليحقّقك بأوصاف عبوديتك , ومتى تعرّف اليك في جماله فليثبت بذلك خصوصيتك , فمراده منك تحقيق العبودية , لا شهود الخصوصية

- لو كان مراده منك اذا فتح لك وجهة من التعرّف كثرة الأعمال لما فتحها لك , اذ أنّ الأعمال لا توصل اليه , ولا تزيدك فيما أورده من التعرّف اليك

- لو كان تعرّفه اليك في غير أوصاف قهره وجلاله , لظهرت أوهام دعواك , وخاب مسعاك

- ما تعرّف اليك في أوصاف جلاله , الا وهو يريد أن يدوم اقبالك عليه في شهودك حاضرا , وفي مراقبتك أنّه عليك قادرا

- انّما تعرّف اليك في أوصاف قهره لتفرّ من دعاويك اليه , فأراد أن يدلّك عليه بما شهدته منه من التعرّف , لا بما هو صادر منك من العمل والتصرّف

- انّما كان التعرّف هو مورده عليك , لأنّه محال أن تعرّفه اليك جلائل الأعمال , أو تقرّبك منه جاذبات الأحوال

- متى رأيت أعمالك بالتي توصلك اليه , فلأنّك شهدتها من نفسك صادرة , وأنّها بكثرتها أضحت عندك قادرة

- متى فتح لك وجهة من التعرّف فمن باب فضله وعطائه , ومنّه ونعمائه , فأراد منك شكر النعمة , لا بما تشهده منك من كثرة الحرص والخدمة

- لو لا أنّه تعرّف اليك في أوصاف قهره وجلاله , لما لاطفك بمدد الأنوار , ولا قرّبك ببدائع شوارق الأسرار

- لو كان ما أورده عليك من التعرّف مقابلا لأعمالك , لما أورد عليك شيئا , اذ أن عملك صادر من لؤم أوصافك , وما أورده عليك من جود أوصافه , وأين أوصافك من أوصافه حتى تكون الأعمال توصلك اليه , أو تقبل في وصفها بين يديه

- العمل الذي يوصل اليه حين تعرّفه اليك , ما أهديته من قبول لموارد تعرّفاته اليك , ورضاك وتسليمك في جمال قهره عليك

- الأعمال متى سرت فيها أنوار محبّتك , وروح شكر نعمتك , جذبتها أوصافه اليه , وزيّنتها بنورها هديّة بين يديه

- أعمالك متى نسبتها لنفسك لم تدلّك عليه مهما عظمت في نظرك , ومتى شهدتها من باب فضله لم تدلّك الا عليه مهما قلّت في نظر غيرك

- قد يتعرّف اليك في غضب جلاله ليردّك الى تقييد أسمائه , وقد يتعرّف اليك في جمال جلاله ليرجعك الى تحقيق صفاته , ومتى تعرّف اليك في جلال جماله فليفنيك في بحر ذاته , ويبقيك به في صورة أسمائه وصفاته

- انّما تعرّف اليك في أوصاف قهره وجلاله ليدخلك الى بحر فنائه , وتعرّف اليك في حسن جماله ليخرجك الى عالم بقائه , فالأوّل لتحقيق ما أراده منك من العبودية , والثاني ليشهدك ما منّ به عليك من عطايا الخصوصيّة

- ( كلّ من عليها فان ) تعرّفه اليك بقهره وجلاله - ( ويبقى وجه ربّك ) تعرّفه اليك في جماله , فما فتح لك وجهة من التعرّف الا ليفنيك عنك في جلاله , ويبقيك به في أوصاف جماله مع شهودك في كلّ ذلك لجلاله لذا قال ( ذو الجلال والاكرام ) أي بعد البقاء


وجهة التعرّف مستثنى يعبدون ***** قال الترجمان معنى يعرفون

في كلّ وجهة فتح لك باب ******* تعرّفا اليك جاء المرسلون

تعرّف اليك بوجه لا فناء ******* جمال في جلال عكس يأمنون

تعرّف جلال قهر للعبيد ******* تجلّي بالتوحيد فاز المؤمنون

عملك اسم معلول صفات ****** لو رحمة هيهات هديّة يقبلون

تعرّف اليك ذات وأسماء******* طريقه صفات في لحظة ينفون

بين اسم وذات -ال-صفات***** لسالك صراط بجذب يشهدون


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 00:57


الحكمة التاسعة :

( تنوّعت أجناس الأعمال بتنوّع واردات الأحوال )

الشرح :

- أجناس الأعمال عناوين واردات الأحوال

- من علامات ورود جاذبات الأحوال ما تشهده من أجناس الأعمال

- متى كانت واردات الأحوال من تجلّيات صفات جلاله وافقتها أجناس الأعمال بصرف وصف العبودية , ومتى كانت من تجلّيات صفات جماله أظهرتها ببشائر لوائح الخصوصيّة

- متى أورد على قلبك تنوّعات واردات الأحوال , فلإقباله بتجلّياته عليك , ومتى وافقتها أعمالك فليرفع عنك مشقّتها ليدوم اقبالك عليه

- قلّب منك القلب بما أورده عليك من متقلّبات الأحوال , ونوّع لك أجناس الأعمال وفق مراداته فيها

- الأعمال أسيرة الأحوال وإليها يرجع حكمها , فكلّما تنوّعت واردات الأحوال , تلوّنت بمعناها أجناس الأعمال

- الأحوال متى جذبت أعمالك إليها رفعت عنك مشقّتها , فصارت أحوالك أنوارا , وزادت أعمالك في القرب منه حرصا وإصرارا

- متى حلّت بقلبك واردات الأحوال صدرت منك الأعمال إضطرارية , فجمعك بما أورده عليك من الاحوال عليه , وأوقفك بما إضطررت إليه من الأعمال بين يديه

- واردات الأحوال رسل صفاته اليك , فرحلت بعد أن ألقت كتاب محاب ذاته بين يديك

- واردات الأحوال نزول معاني قرآنه عليك , وأجناس الأعمال قيامك بأحكام بيانه بين يديك , فكلّما نزل المعنى أظهره البيان ( فإذا قرأناه فأتّبع قرآنه ثمّ إنّ علينا بيانه )

- إنّما يقدم الحال ويرحل كي لا تسكن إليه , إذ أنّ في رحيله خير شاهد على أنّه مرسوله إليك , وأنّه دليلك بما ألقاه في قلبك من المعنى عليه

- متى علم أنّك لا تسكن إليه , أقامه إليك حبلا موصولا , وصراطا مشهودا

- أجناس الأعمال مفاتيح أبواب واردات الأحوال

- نوّع لك الأحوال ليشهدك كثرة دوام إقباله عليك , وبها نوّع لك أجناس الأعمال لعلمه بأنه لا صبر لك عليه

- إنّما نوّع لك واردات الأحوال ليجذبك في جميع تجلّياته عليك , ونوّع لك الأعمال ليدوم تأدّبك في بقائه بين يديه

- الحال لا يأتي إلا زائرا والعمل مقيم الضيافة

- متى كنت صادقا في أحوالك لم تدلّك أعمالك إلا عليه , ومتى كنت فيها كاذبا لم تدلّك إلا على نفسك

- إنّما تصرّفت فيك الأحوال ليشعرك بضعف هويّتك , ويردّك الى معرفة حدود حقيقتك , فتقف على بساط عبوديتك , غير متجاوز أقداره في خصوصيّتك , فلا تنسب تصرّفا إلا إليه , ولا ترجع إلا عبدا كاملا بين يديه

- إنّما تصرّف العارف في الأحوال , لتحقّقه بأوصاف الكمال , فإرتضاه داعيا على بصيرة إليه , ودالاّ بجميع أحواله وأعماله عليه



ديننا دين حال يا فتى ***** في أفعال وأقوال ودعاء

بحال زاد روح في علا**** اضطرار قصد قلب برجاء

الحال فيض وجد سما**** بأعمال سلوى جسم لا عناء

أعمالنا نجم قطب سرى*** أحوالها معراج برق لفناء

ليس علم بحال متى دنا *** كالعلم بالعمل لمن يرى

تنوّع حال مراتب نعيم**** قوم ولقوم أمسى شقاء

بحال جرى نظام ورى**** جمال وجلال كلّ سرى


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 01:00


الحكمة العاشرة :

( الأعمال صور قائمة وأرواحها وجود سرّ الإخلاص فيها )

الشرح :

- الأعمال في ظاهرها قائمة صورها برسم العلم , وقيام نوره بوجود سرّ الإخلاص في باطنها

- إنّما أمرك بالإخلاص لأنّه جوادك في السير إليه , ومتى كوشفت بسرّه أزال لك الحجاب بين يديه

- أراد منك الإخلاص في أعمالك كلّها , ليقطع نظرك عن ملاحظة الأكوان , ويغيبك في سرّه في مقام العيان

- أمرك بالإخلاص ليديم عليك مراقبته , وبوجود سرّه آنسك في مشاهدته , سرّ الإخلاص ( أن تعبد الله كأنّك تراه ) والإخلاص ( فإن لم تكن تراه فإنّه يراك )

- تحقّقك بالإخلاص سلوك منك في أنوار صفاته , وتحقّقك بسرّه عروج منك الى حضرة ذاته

- قيام العارف بالأعمال في رسم العلم بقاء , ووجود سرّ إخلاصه فيها فناء , فكلّما تحقّق سرّ إخلاصك في فنائك , أرجعك في حلية العلم به الى عالم بقائك

- ما أمرك بالإخلاص في أعمالك إلا ليسري نور توحيده فيها , فلا تدلّك إلا عليه , ولا ترتضي لك مقاما غير الوقوف بين يديه ( إنّما يتقبّل الله من المحسنين )

- متى رزقك سرّ الإخلاص أسرع بك عملك إليه , ومتى منعك كبا بك جواده

- متى شهدت إخلاصك بأنه منك صدر صارت نسبة الأعمال إليك , فأنخسف قمر توحيدك , وظهرت دعاوي تجريدك

- متى خلا عملك من وجود سرّ الإخلاص فيه صار إعتمادك عليه , فأوجبت عليه حقوقا , وهو لا يجب عليه شيء

- لولا حصول فضله بوجود سرّ الإخلاص لما وصل سالك إليه , ولا تحقق عارف بمعرفته بين يديه

- الإخلاص متى نسبته إليك كان من جملة أعمالك فلا يدلّك فيها إلا على الحظوظ , ومتى نسبته إليه كانت أعمالك من جملته فلا يدلّك فيها إلا على مقام الشهود

-لا يتحقّق بمعاني الإخلاص إلا من صحّح الفقر إليه , ولا يشرق سرّه إلا لمن إعترف بالعجز بين يديه , ( إيّاك نعبد ) فقر إليه ( وإيّاك نستعين ) عجز بين يديه

- شهودك لإخلاصك من غير عمل , دعوى لظهوره في غير محلّ , فكثر عنادك , وظهر إلحادك

- إنّما جعل لك الأعمال ظاهرة في رسوم العلم , و جعل باطنها في أنوار الفهم , كي لا تخرج عن وصف عبوديتك , وتتجاوز أحكام هويّتك

- متى أجاز لك الرخصة في الأعمال فمن حيث ظاهر بشريتك , لا من حيث باطن حقيقتك , فالعزائم لا تنفكّ عنك في أعمالك القلبية , وشؤونك الغيبية ( السابقون السابقون أؤلائك المقرّبون )

- الأعمال لا تفارقها النيّة لذا جعلها محلاّ لوجود الإخلاص , كي يرافقك وجوده في جميع أعمالك , فلا تسير بك إلا إليه , ولا تزيغ بك دون الوقوف بين يديه

- إخلاص العارف قطع نظره عن جملة الأكوان , والغيبة بسرّه عن نفسه في مقام الإحسان

- السالك متى رجع الى شهود إخلاصه عوقب بوجود طلب الأعواض , ونودي عليه بلسان البعاد ( فنادى في الظلمات سبحانك لا إله إلا أنت إني كنت من الظالمين )

- أعلمك بتخليصه لك على لسان محلّ الغواية , كي يدلّك على نسبة إخلاصك إليه , فتبرأ منه بين يديه , وإلا فمتى أوكله إليك , حلّت فتن الغواية عليك ( لأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )

- ( قل إعملوا فسيرى الله عملكم ) من حيث وجود سرّ الإخلاص فيه ( ورسوله ) من حيث نور العلم بالإتّباع فيه ( والمؤمنون ) من حيث الدلالة عليه , والوقوف بهم بين يديه

- ما تحقّق دالّ عليه وموصل إليه بسرّ الإخلاص إلا ونادت حقيقته ( ما أسألكم عليه من أجر ) من كثرة تحقّقه في مراقي أنوار صفاته , وشهود منّته بزوال حجاب ذاته

قيام ظاهر أعمال لنا صور ***** رسوم علم من منقول وخبر

أرواحها إخلاص لمن نظر***** إشراق نور سرّه يا من شكر

علّة أجساد بقاء في حضر***** رخصة في العلم وفي سفر

في إخلاص علّة منك حظر**** كظلم شرك منك كان كبر

أعمالنا جزاء نعمة لذا أمر****بإخلاص دنيا وأخرى فيها نهر

حاشا إلتفات منك ببصر **** بلا غير أضحى توحيد مثل قمر



-
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 01:05


الحكمة الحادية عشرة

( أدفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه )

الشرح :

- الخمول دفن سرّ الخصوصية في أوصاف البشرية

- الخمول تجريد النفس من دعاويها , ومحو آثار معانيها

- متى رمت ظهور خصوصيتك , وبروز نجوميتك , فقد جمعت الخلق عليك , وأوقفتهم عبيدا بين يديك

- حقيقة الخمول إفراد وجهتك إليه , ومحو وجودك بالكلية بين يديه

- متى أهّلك للظهور فبما حقّقك به من أوصاف العبودية , وأنعم به عليك من أفضال الخصوصية

- العارف متى أشير إليه عند ظهوره , لا يستشعر غير أوصاف عبوديته , وتمام حقيقته , قال تعالى :( فأشارت إليه ...قال إنّي عبد الله ) فما نسب ظهوره إلا إليه , وما نطق لسانه إلا به بين يديه

- دفن وجودك في أرض الخمول لا يتحقق بغير فناء صفاتك في صفاته , وتلاشي وجودك بما تشهده من عظمة ذاته

_ من علامات الإذن في الظهور وجود التأييد فيه , فما كلّ ظهور صاحبه تأييد ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) بما تراه في قلوب عبيده , من إشراقات توحيده

- ما نبتت شجرة مثلما نبتت شجرة العبودية في أرض الخمول , فتجمّلت ألوانها , وأثمرت أغصانها ( أصلها ثابت وفرعها في السماء )

- إنما أظهرك بما أبطنته من لطائف محبته , ونسائم نفحات حضرته , فجعلك دليلا عليه , وهاديا مرشدا بين يديه

- خمول الأسرار أن تلاحظها صافيات الأنوار ( السابقون السابقون أولائك المقرّبون )

- الخمول أرضه معنوية , وغراسها عبودية ( فيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) فما أعادك فيها إلا لتحقيق أوصاف عبوديتك , وما أخرجك منها إلا في حلية خصوصيتك

- الخمول لا يكون حقيقة إلا عند معاينة وجودك الحادث بين عدمك ووجوده

- محبة الظهور فرار من العبودية الى الإتصاف بأوصاف الخصوصية , ومحبة البطون هروب من الخصوصية الى الإتصاف بأوصاف العبودية , فالأول من الفقد الى الوجدان , والثاني من الوجدان الى الفقد , والعارف من لا يجد ولا يفقد

- من علامات دفن وجودك في أرض الخمول , أن لا تشهد غير ظهور صفاته , فلا تدلّ إلا عليه , ولا توقف أحدا من العباد إلا بين يديه

- محبة الظهور من الشهوة الجلية ( منكم من يريد الدنيا ) ومحبة البطون من الشهوة الخفية ( ومنكم من يريد الآخرة ) قال تعالى ( ومن يتبع الشهوات فسوف يلقى غيّا )

- الظهور والبطون له لا لك فهو الظاهر والباطن , فمتى تنسب الظهور أو البطون إليك , وقد إضمحلّت صفاتك في تجلي صفاته , وتلاشت ذاتك في بروز عظمة ذاته

- إنما أظهرك في حلية أسمائه لتدل الخلق عليه ( وما محمد إلا رسول ) وأبطنك بما أفناك في صفاته ليدوم إقبالك عليه ( يا أيها النبي إتّق الله ) فلا تقصد بابا غير بابه , ولا لك إناخة إلا على أعتابه

- ما أظهرك في الأرض إلا ليتم ذكره فيها , لا ذكرك فيها ( وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه ) فما أظهره إلا تأييدا للدّال عليه , ونصرة للدّاعي به إليه

- لو كانت عبوديتك قويمة , وخصوصيتك ذات قيمة , لكانت شموس توحيده فيك مشرقة , وأسرار تفريده لك محرقة , فأظهرك بدلالة حالك عليه ( لي وقت لا يسعني فيه غير رّبي ) وبأنوار أقوالك التي لا توصل إلا إليه ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )

- لا تظهر إلا في الحلية التي كساك إيّاها , لتكون لمراده موافقا , ولأوصاف عبوديتك مرافقا

- العبودية إقبالك عليه , والخصوصية إقباله هو عليك , فأين إقبالك من إقباله حتى تدّعيه , أو أن تظهر فيه

- محبة الظهور دليل على وجود بقايا السوى في زوايا النفس



إسمع فنّي وخذ عنّي يا فتى ____ جميل قول بإخلاص ووفاء

ظهور صيت قصد هوى ____ حقيق شرك ظلمات ورياء

خمول ذكر حتما في الورى ____ أصل في سلوك يا من سرى

قال سبحان الذي بعبده أسرى____ تنبيها لك وتجريد عن السوى

ظهور غير إذن يا من نوى _____ دسيس نفس بعذاب وشقاء

ليس الظهور تبليغ علم ومعنى ___ بل تخصيص نفس بمزايا وثناء

أسلم للفتى شرع أمر ونهى _____ وإقبال خير بمخاف ورجاء

سلم من علّم القرآن وروى _____ حديث خير الخلق المصطفى

إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 01:10

الحكمة الثانية عشرة

( ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة )

الشرح :

- العزلة فطم النفس عن عالم الحسّ

- العزلة للتوجّه والفكرة للمواجهة

- العزلة لا تدلّك متى فهمت عنه إلا على الجمع عليه (أصلها ثابت ) في القصد إليه , ( وفرعها في السماء ) بما تنتجه فكرتك من المعارف بين يديه

- الفكرة من نتائج العزلة فكلّما تحققت في عزلتك بالقصد إليه , أوشكت فكرتك أن تدخلك عليه

- العزلة محراب القلب والفكرة صلاته

- لا صيام للقلب إلا في العزلة إليه , ولا تفطر الفكرة إلا على موائد العرفان ين يديه ( إنّي أبيت عند ربّي يطعمني ويسقيني )

- حقيقة العزلة ( كلّما دخل عليها زكريّا المحراب ) وحقيقة الفكرة ( وجد عندها رزقا )

- ما دلّته في عزلتها إلا على القصد إليه , وفي فكرتها إلا على الجمع عليه ( قالت هو من عند الله )

- العزلة : ( ربّ أدخلني مدخل صدق ) والفكرة : ( ربّ أخرجني مخرج صدق ) , العزلة : ( فأووا إلى الكهف ) , الفكرة ( ثمّ بعثناهم ليعلموا)

- ما دلّك على العزلة إلا ليحقّقك في السير إليه , ويجمعك في فكرتك عليه

- العزلة الظاهرة متى صاحبها في القلب صدق التوجه أثمرت لصاحبها جولان الأفكار , في ميادين الغيوب والأسرار

- القلب كلّما أفرد وجهته إليه تحققت عزلته عن عوالم الأغيار , وأشرقت فكرته ببدائع المعارف والأسرار

- العزلة دليل القلب عليه , والفكرة بثّ محابه بين جنبيه ( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )

- العزلة الظاهرة تابعة لعزلة الباطن , فكيفما أبطنت به إعتزلت ( وإذ إعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله)

- لو كانت عزلتك صادقة لما قصدت في الكون سواه , ولا جالت فكرتك في غير معناه

- من علامات إنتفاع القلب بالعزلة ما تراه في آفاقه من شروق واردات الأنوار , وما تنتجه فكرتك من دقائق الفهوم الأسرار

- لو لا العزلة ما عرف قلب طريقه إلى المحبوب , ولا جالت فكرة في ميادين الغيوب

- العزلة قطع نظر القلب عن مشاهد الأغيار , فميدان الفكرة عوالم القدرة والإعتبار ( فاعتبروا يا أولي الأبصار )

- العزلة للذكر , والفكرة للمذاكرة قال تعالى ( وذكّر ) أي بما تنتجه فكرتك ( فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) أي في إيمانهم

- آية العزلة ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) وآية الفكرة ( ويتفكّرون في خلق السماوات والأرض )

_ كلّما ترقّى القلب في مراتب فرائض العبودية في عزلته , تقرّبت الفكرة بنوافلها


قال القوم في السلوك قولا ***متقنا متنا عقلا ونقلا

إعتزال أربع هي الوصال *** نوم وشبع كلام وإعتزال

إعتزال جملة بلا إشكال *** جمعا وفرقا في الأعمال

مهاجر أكوان صحّ هجره *** حسّا ومعنى روح أمره

إعتزال قلب جمع على ****الذات يا طالب الهدى

زيادة هدي يا من رأى *** بفكرة معاني السفل والعلى

أضحى محبّا في قصده *** محبوبا قبل يومه وبعده

فذي معاني إرتشف يا فتى***مدام صفو يا من هوى
إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

16 نوفمبر 2017 11:13

شرح وافي وتهذيب كافي يعرج بالقارئ لمعرفة جلال وجمال مقامات الأصفياء..
جزاكم الله كل خير على إثراء الفكر الصوفي الإحساني فمدرسته تحتاج أمثالكم دوما.
عابرسبيل
عضو نشيط
مشاركات: 44
اشترك في: 15 يوليو 2017 22:49
آخر نشاط: 21 مارس 2018 23:01
مكان: مدينة
العمر: 28
اتصال:

17 نوفمبر 2017 01:24

عابرسبيل كتب:
شرح وافي وتهذيب كافي يعرج بالقارئ لمعرفة جلال وجمال مقامات الأصفياء..
جزاكم الله كل خير على إثراء الفكر الصوفي الإحساني فمدرسته تحتاج أمثالكم دوما.



جزاكم الله خيرا وبارك فيكم أخي عابر سبيل على حسن ظنكم في العبد الفقير وشكرا على مروركم الكريم وأرجو أن لا تبخلونا بما ترونه من العيب فينا


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:


العودة إلى “التصوف و السلوك”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد