رياض الواصلين >> المنتدى العام >> اذكر حديث الصالحين وسمهم ** فبذكرهم تتنزل الرحمات

04 يونيو 2017 06:23

من كلام يوسف بن يحيى التادلي المعروف بابن الزيات :

إن الفائدة من ذكر أولياء الله تعالى تقوية قلب سالك طريق الآخرة لقوله تعالى : ( و كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) هود 120 و كفى بسبيلهم شرفا ، أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه و سلّم باتباعهم ، و أضاف السبيل إليهم إضافة تكريم ، فقال تعالى : ( و أتبع سبيل من أناب إلي ) لقمان 15 و قال : ( و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ) الكهف 28 و قال سفيان بن عيينة : عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، و قال يونس بن محمد : ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين . و قال سفيان الثوري : إن لم نكن من الصالحين فإنا نحب الصالحين

وصفنا طريق الصالحين و فعلهم *** و ما حظنا إلا التزين بالوصف
ترى خلت الأرض بهم أم لا تراهم ؟ كلا لو صفت أعمالنا عرفناهم . أما الأحياء منهم فالقطر يجري من جراهم ، و اما أمواتهم فمعنا في الاخبار معناهم ، و إن كان لك انتقاد ، عرفتهم بسيماهم ، لباسهم ما ستر ، و طعامهم ما حضر ، ذلوا ليرضى ، فإذا رأيت القوم قلت مرضى . لله درهم من أقوام ! قطعوا أعمارهم في طلبه و أتعبوا أعضاءهم في فرضه و واجبه . و قطعوا قواطعهم لأجل التعلق به ، و حملوا عن الجهال خوفا من غضبه . فقدموا القيامة بقلوب تشتاقه و أقدام تسعى في طلبه . فإن مروا على النار قالت : جز يا مؤمن فقد أطفى نورك لهبي . و إذا رأت النار من جهر بالخير و ما خافت خافت . و إذا شهدت نفوسنا طالما ضاقت ضاقت ، و إذا عاينت أجساما باينت الحرام و عافت عافت . هلا تشبهت ، يا هذا بهؤلاء القوم ؟ هلا انتبهت من ذلك الرقاد و النوم ؟

و من العجائب أن تكون كما أرى *** و تظن نفسك فائزا مقبولا
كيف السبيل إلى نعيم آجل *** في حق من لم يستقم في الأولى

فواها لقوم هجروا لذيذ المنام ، و انصبوا لما نصبوا الأقدام ، و انتصبوا للنصب في الظلام ، يطلبون نصيبا من الإنعام . إذ جن الليل سهروا ، و إذا جاء النهار اعتبروا . و إذا نظروا في عيوبهم استغفروا ، و إذا تفكروا في ذنوبهم بكوا و انكسروا ، و اقبلوا بالقلوب على مقلبها ، و أقاموا النفوس بين يدي مؤدبها ، و سلموا إذ باعوها إلى صاحبها و أحضروا الآخرة فنظروا إلى غائبها ، و سهروا الليالي كأنهم وكلوا برعى كواكبها ، و نادوا أنفسهم : صبرا على نار البلاء لمن كواك بها ، و مقتوا الدنيا فما مالوا إلى ملاعبها و اشتاقوا إلى لقاء حبهم فاستطالوا مدة المقام بها
يتبع ...
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 51
اتصال:

04 يونيو 2017 06:33


ياطالب الدنيا و ما تبقى له *** ألهاك مغشوش النصيحة آفك
دار يريق دم المصدّق زورها *** بصوارم الآفات و هي تضاحك
كم غرّغيرك حسنها و وراءه ***بيض لآجال النفوس فواتك
غرر تخيل الحسن و هي قبيحة *** إيد تخيل البذل و هي مواسك
تتقلّد الآثام في مرضاتها ***مقتا لها و هي البغي الفارك
يا واهما لم يبد منه تدارك *** و لقد يحسن وهمه المتدارك
أتركت قلبك و هو مضنى حاسر *** رهن التغالط و هو سيف فاتك
فانظر لنفسك فالزمان كما ترى *** منح تروق العين و هي مهالك
و إذا سمعت بأن شخصا هالك *** فاحذر عليك فأنت ذاك الهالك
ترك الذي جمعت يداه لغيره *** و كذلك انت غدا لغيرك تارك
لا تطمعن فيما جمعت تفردا *** فالموت فيما قد جمعت مشارك
و وراء صحتك التي أودعتها *** موت و حي أو سقام ناهك
بمن اقتديت و في الصحابة كثرة *** ما منهم إلا تقي ناسك
و التابعون الراشدون و كلهم ***عما يقود له الهوى متماسك
و الشافعي على الطريق و أحمد *** و أبو حنيفة قبل ذاك و مالك
خضنا لعمرك في خلاف سبيلهم *** فالناس إما تارك أو فاتك
هذا الضعيف دم المدامة سافك *** هذا القوي دم البرية سافك
ملك الهوى رق النفوس فكلنا *** لا يعتني إلا بما هو مالك
نور الحقيقة نصب عينيك لامع *** لكن يصدك عنه قلب حالك
هيهات ! في أهل الحقيقة قلة *** صعُب الطريق فقلّ فيه السالك

يتبع ...
آخر تعديل بواسطة نور الصفاء في 04 يونيو 2017 06:48، تم التعديل مرة واحدة.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 51
اتصال:

04 يونيو 2017 06:40


هيهات ! لا تنال الراحة بالراحة ، و معالي الأمور لا تنال بالراحة ، فمن زرع حصد و من جدّ وجد ، فلله قوم شغلهم شغلهم بتحصيل زادهم عن أهليهم و اولادهم ، و مال بهم عن المآل ذكر المال في معادهم ، و صاحت بهم الدنيا فما أجابوا ، شغلا بمرادهم ، و توسدوا أحزانهم بدلا من وسادهم ، و اتخذوا الليل مسلكا إلى جدهم و اجتهادهم ، و حرسوا جوارحهم في هذه الدار عن غيهم و فسادهم ، أقبلت قلوبهم تراعي حق الحق ، فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق ، فالأبدان بين أهل الدنيا تسعى و القلوب في رياض الملكوت ترعى ، بان لهم الحق فصاروا و الهين فناجاهم الفكر فعادوا متحيرين
و جن عليهم الليل فباتوا ساهرين ، فناداهم منادي الصلاح : حي على الفلاح ! فقاموا متهجدين ، و هبت عليهم ريح السحر فجالوا مستغفرين و قطعوا بيداء المجاهدة فأصبحوا واصلين .
فلما رجعوا وقت الفجر بالأجر نادى منادي الهجر : يا خيبة النائمين ؟ و الله لا أدراك المفاخر من كان في الصف الآخر ، سلع المجد كاسدة و كأن قد غلت ، و مراعي الفضل قريبة و كأن قد علت ، فيا منازل الأحباب أين ساكنوك ؟ و يا بقاع الإخلاص أين قاطنوك ؟ و يا مواطن الأبرار أين عامروك ؟ و يا مواضع التهجد أين زائروك ؟
خلت و الله الديار و باد القوم ، و ارتحل ارباب السهر و بقى أهل النوم ، و استبدل الزمان آكلي الشهوات بأهل الصوم ، لله در أعظمهم ! كم تعبت في طاعة ! و ذهبت و الله أوصابهم و ربحت البضاعة ، و بقى الثناء عليهم إلى قيام الساعة ، و لو رأيتهم في الظلام قد لاح نورهم ، و في مناجاة الملك العلام قد تم سرورهم ، فإذا تذكروا ذنبا قد مضى ضاقت صدورهم و تقطعت قلوبهم أسفا على ما حملت ظهورهم و بعثوا برسالة الندم و الدمع سطورهم ، جال الفكر في قلوبهم فألاح صوابهم و تذكروا منن الإله فمحا الذكر إعجابهم و حاسبوا أنفسهم فخففوا حسابهم و تباكوا للمخافة فأضحت دموعهم شرابهم و ترنموا بالقرآن فكان مزمارهم و ربابهم و كلفوا بطاعة الله فالفوا محرابهم و خدموه مبتذلين في خدمته شبابهم ، فيا حسنهم و ريح الأشجار قد حركت أثوابهم و حملت قصص غصصهم ثم ردت جوابهم
نسيم الصبا إن زرت أرض أحبتي *** فخصهم عني بكل سلام
و بلغهم أني رهين صبابة ***و أن غرامي فوق كل غرام
و أني لا يكفيني طروق خيالهم *** لو أن جفوني متعت بمنام
و لست أبالي بالجنان و لا لظى *** إذا كان في تلك الديار مقامي
و قد صمت عن لذات نفسي كلها ***و يوم لقاكم ذاك فطر صيامي
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 51
اتصال:


العودة إلى “المنتدى العام”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائران