رياض الواصلين >> المنتدى العام >> من ثمار المحبة في الله

13 يونيو 2019 20:37


إنه لمن دواعي المحبة التي لا يعلم مداها إلا الله أسأله تعالى أن يفتح على إخوتي في الله في هذا المنتدى و خارجه بفتح عظيم و أن يكرمهم بالرضى و الرضوان و أن يعطيهم ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر وأن يجعلني من خدامهم و ما هذا على الله بعزيز إنه على كل شيء قدير .
و قد قادتني هذه المحبة إلى أن افيد إخوتي بما استفدته و وقفت عليه يقينا عبر صحبة ربانية وفقني الله تعالى إليها ، فكان من الضروري أن نسلط الضوء على أمور في طريق الله قد يظن الشخص أنه فهمها و لكنه غالبا ما يكون مخدوعا في ذلك تماما .
وكمثال نضع بين ايدينا قضية المحبة التي يستشعرها أحدنا في قلبه لله و التي إن شككه أحد بها ثار عليه و كأنه قد مس شيئا ثمينا لديه .
و الحقيقة ، أنه إن كانت تلك المحبة لله صادقة لما ثار ، لأن الذي يثور في الأصل ليس هو ، و لكنها نفسه و بالتالي تستطيع أن تستنتج أن حضرة الحب عنده هي حضرة نفسية بامتياز ، لكون النفس في الإنسان هي التي لا تقبل أن يمسها أحد لكون تركيبتها تستدعي اثبات وجودها و المحافظة على كيانها .
في حين أن القلب المتجرد عن تأثير هذه النفس لا يمكنه ان يتأثر بمدح أو قدح أحد ، لأن علمه بما هو عليه يكفيه و يغنيه ، فإن اتهم في محبته صدق ذلك في الحين لأنه لا يسمع بنفسه و إنما يسمع بالله عن الله من الله ، فسمعه بالله هذا يرجعه حثما إلى نفسه فيتوب و يستغفر على ما هو عليه من تقصير في المحبة في غيبة تامة عن من اتهمه بذلك ، إنما همه الوحيد هو أن يهديه مولاه إلى الصدق في المحبة مهما تلوى قلبه من الحب ، إن علمنا أن الصدق في المحبة درجات ، يصل إلى ما لا نهاية له من الكمالات ،
و منه نقس على ذلك في أمور شتى و منها ايضا اعتقاد فهم امر على حقيقته ، و هنا يجب ايضا أن يعلم كل منا أن الفهم في طريق الله يكون بحسب حال المتلقي و كمثال على ذلك أنه قد تقرأ اية في القرأن الكريم فتتفاوت الفهوم أو تختلف بحسب درجة صفاء القارئ و هو شيء معلوم .
فليس فهم من لم يسلك كفهم السالك و ليس فهم من فتح الله عليه كمن لم يفتح عليه و ليس مثل من يهبه الله تعالى الفهم و العلم اللدني كغيره و هكذا ..
في حين تجد كل واحد و خاصة ممن لم يفتح عليه انه يستشعر يقينا أن فهمه صحيحا و هو صادق من حيث أن الة الفهم عنده اعطته ذلك الفهم فإن تفطن أدرك أن الالة التي استخرجت ذلك الفهم غير صالحة لأنها ببساطة غارقة في اوحال النفس ، فنظرته هنا أو شعوره غير صادق مهما تهيئ له أنه صادق و حلف على حسن نواياه ، فالنية الحسنة شيء و الفهم النفسي شيء و الفهم الرباني شيء آخر .
و من هنا نستطيع أن نستنتج بوضوح أن الغير مفتوح عليه لا يزال يرى و يسمع و يفهم بنفسه متى علمنا أن أول خطوات الفتح هي التجرد عن النفس حتى قال سيدي احمد بن مصطفى العلاوي قدس الله سره :
زل يا أخي عن وجودك ، و اخرج عن شهودك ، و اترك الكل لله و كن معه كأن لم تكن .
و قال سيدي محمد البوزيدي شيخ سيدي احمد بن مصطفى العلاوي قدس الله سره :
زل منك عنك لتبقى ببقاه = إذا تحيد نفسك ما تجد إلا الله
من هنا ندرك أن اعظم حجاب بيننا و بين الفهم الحقيقي و بين المحبة التي ندعيها و بين المحبة الربانية الصادقة هو النفس .
فلماذا نستهلك طاقتنا في الدفاع عن نفس لا عمل لها إلا أن تخرجنا من رحمة الله و الأصل أن ندافع و نشكر كل من وجه إلينا نصحا او تنبيها ، فما القسوة و الحدة التي قد نجدها من الناصح إلا حدة نفوسنا نحن في مواجهة الحق الذي يعمل على كشف حقيقتها و بالتالي يهدد وجودها فلن يجد منها إلا الحرب التي تظهر جليا في كل حرف أو تصرف يصدر عنها .
و الأصل في قول سيدي أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني و بينهم خلاف ، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي" .
و من هنا ندرك ان اكبر افة تواجه من يقترب من اهل السلوك هي افة الغضب ، لماذا ؟ لأنه بمجرد ما أن يحاول وضع قدمه في ساحتهم لن يجد منهم هزلا و لا نفاقا و لا مجاملة الشيء الذي تعودوه عند غيرهم ممن يسبحون في عوالم النفوس ، و النفس لا تميل إلا إلى من اثبت وجودها بالمدح و الثناء وووو ... كما تعلمون .

قيل أن موسى عليه الصلاة و السلام سأل الحق في مناجاته : كيف الوصول إليك ؟ فقيل له : دع نفسك و تعال .

فإن تهت عن الإمساك بنفسك ستجدها عند كل أمر اشعرك بالضيق و لن تقوى عليها إلا بالرجوع بها إلى الله هناك تمنح الحول و القوة على التمكن منها و تزكيتها بإذنه تعالى

فالطريق الحق لا يقبل إلا من أتاه جادا صادقا ، و الصدق هنا أن تدخله متجردا عن فهومك ، مسلما القلب إلى ما تجده من أمور تخالف هواك أو إن شئت قل (منطقك) ، متى علمت أن هذا المنطق الذي تتبناه اليوم لن يكون نفسه بعد أن يفتح عليك غدا .
يتبع إن شاء الله ..










نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

13 يونيو 2019 22:31


قال سيدي أحمد بن مصطفي العلاوي رضي الله عنه و ارضاه :

افتح من هنا
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

14 يونيو 2019 11:31

كلام عميق وميزان دقيق
بارك الله بك أختنا الفاضلة وزادك نورا وذوقا وعلما . آمين
ماهر الشاذلي
عضو جديد
مشاركات: 9
اشترك في: 22 إبريل 2019 13:45
آخر نشاط: 01 يناير 1970 01:00
مكان: السعودية
العمر: 55
اتصال:

14 يونيو 2019 16:38

اللهم امين
جزاكم الله خيرا سيدي الفاضل
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

14 يونيو 2019 18:42

في منتهى العمق والدقة، حسبت الكاتب الأخ علي الصوفي
بلقيس
عضو جديد
مشاركات: 12
اشترك في: 05 مايو 2017 16:07
آخر نشاط: 16 إبريل 2019 01:14
مكان: المغرب
اتصال:

14 يونيو 2019 23:46

بارك الله فيك. وملخص ما دار عليه كلامك صحيح وحق، إذ هو أن المؤمن يبدأ يرى، أو نقول: يذوق، الأمورَ كلها بشكل مختلف عمّا سبق.. وذلك حين يرى نفسه على حقيقتها، وأنها ليست منه ولا هو منها، فهي عدوّ له، بل هي الثعبان بين جنبيه، كما الشيخ البوزيدي رحمه الله.
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

15 يونيو 2019 05:39

ميزان دقيق وتوضيح جميل وننتظر التكملة جزاك الله خيرا
ابومحمد التجاني
عضو جديد
مشاركات: 4
اشترك في: 04 مايو 2019 15:25
آخر نشاط: 01 يناير 1970 01:00
مكان: الخبر
العمر: 51
اتصال:

15 يونيو 2019 07:01

جزاكم الله خيرا
Abdulbagy Muhmmad
عضو جديد
مشاركات: 3
اشترك في: 08 ديسمبر 2017 07:17
آخر نشاط: 14 يونيو 2019 09:30
مكان: Netherlands
العمر: 45
اتصال:

15 يونيو 2019 09:22

جزاكم الله خيراً ...
هشام صلاحية
عضو جديد
مشاركات: 2
اشترك في: 26 إبريل 2019 14:15
آخر نشاط: 19 نوفمبر 2019 14:18
مكان: Alep
العمر: 54
اتصال:


العودة إلى “المنتدى العام”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 3 زوار