رياض الواصلين >> التصوف و السلوك >> آخر حلقة من سلسلة الحور والدرر من أنفاس سورة القدر 8

06 يونيو 2019 16:17

الحور والدرر من أنفاس سورة القدر 8
كتب الأستاذ علي الصوفي، وبالمناسبة نشكره على هذه السلسلة الماتعة:
هذه الليلة الجمالية هي ليلة تتزيّن فيها الحضرة النبويّة على غاية الجمال والحسن موافقة للحضرة القدسية في قولها ناطقة بشؤونها: ( سلام هي حتى مطلع الفجر )، والسلام هو أمان الجنّة واسمه تعالى: ( يا نار كوني بردا وسلاما )، فكان الجلال لا ظهورَ له بل الحكم في هذه الليلة للجمال، وهو ظهور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وظهور الجمال المحمدي هو المراد من قوله: ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ). أي في عالم الخلافة والأسماء، وعالم الدلالة على الذات بالصفات.
وكنايةً بالفجر -الذي هو بداية شهود الجلال والحكم له الذي هو النهار- أخبر أن السلام فيها والقبول وغفران الذنوب وما فيها من العطايا التي لا تكيّف من باب الجود والكرم الإلهي الذي لا كنه له ويعجز الكون عن فهمه هو: من انطباع الجمال وظهور الجلال في طيّ حكمه: " رحمتي سبقت غضبي،" من هذه الناحية.
أما من حيث توقيتُها والمكاشفة بها، فهي لأصحاب القلوب النقية الطاهرة. وقد أخبرني شيخنا في زمن من الأزمان بليلتها وقال لي: ادع لولاّة أمور المسلمين فيها، فبصلاحهم صلاحُ المسلمين وبهم طلاحهم، بعد أن أخبرني عن حكاية الحسن البصري رحمه الله تعالى.
قال تعالى: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ )
يكفي دلالة على رفعة أقدار الأزمنة الشريفة -وما لها من خصائص منيفة وكثرة بركتها وعظمة أسرارها- ذكرُ نزول القرآن فيها.
قلت: متى ذُكِر نزول القرآن، فلا بدّ من استشعار وجود المنزَل عليه هذا القرآن عند ذكر النزول، إذ محال أن ينفصل النازل عن المُنزل عليه، فكأنّ هذا المنزَل عليه له علاقة وطيدة ووصال متين بتلك الأزمنة، كليلة القدر وشهر رمضان.. لذلك اعلم أنّ ليلة القدر هي من الليالي المحمّدية لقوله تعالى: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ )، فنسبة الضمير إلى القرآن لا يمنع من نسبته أيضا إلى سيّد ولد عدنان صلى الله عليه وسلّم.
فرسول الله صلى الله عليه وسلّم " كان قرآنا يمشي على رجليه،" و"كان خلقـُه القرآن." فأنّى يفترقان أو ينفصلان؟ وقل: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ).
فإذا شَرُفَت ليلة القدر بنزول القرآن فيها، وشَرُفَ شهر رمضان بنزول القرآن فيه، فكيف بتشريف وشرف من أُنزل القرآن عليه؟ ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلا )، ولن تجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غير القرآن: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ).
فهذا بإيجاز شديد ما قصدناه من لفت النظر إلى قيمة وقدر ليلة القدر بمناسبة شهر رمضان المبارك، وإلا فالمخفي أعظم.
انتـــــــــــــــــــهى.
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

07 يونيو 2019 23:04


جزاكم الله خير الجزاء سيدي إلياس بلكا على جهودكم المباركة في نقل هذه الجواهرالنادرة و الثمينة نفعنا الله بها و جعلها في ميزان حسناتكم ،
و جزا الله تعالى عنا كاتبها خير الجزاء و بارك لنا فيه و لا حرمنا من نفحاته المباركة ، آمين
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:


العودة إلى “التصوف و السلوك”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد