رياض الواصلين >> التصوف و السلوك >> شهر رمضان.. رمضان وأسرار الليل 10

13 يونيو 2017 02:55

سلسلة: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن (10).

رمضان وأسرار الليل:

كتب: علي الصوفي


قال تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ.)
ذكر شهر رمضان لوجود مناسبة نزول القرآن فيه رغم أنّ النزولَ حصل في ليلة واحدة منه، وهي ليلة القدر، وذلك لمّا كانتْ ليلة القدر مِن عائلة ذلك الشهر وأحد أفراده إذ لا انفصال لها عن يومها رغم سُلطة ظهورِها على يومِها وعلى ليالِي وأيّامِ شهرها من حيثُ سُطوعُ كوكبِها في ذلك الشهر، فكأنّ الشهرَ كان تابِعا لها -أي ليلة القدر- غير مَتبوع فسَجدَ بسجودها وركعَ برُكوعها، لذلك جاء التنصيص على أنّ تلك الليلة ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )، لأنّ المُعتبر في حساب الليالي الشهورُ وليس السنوات، فكان للأيّامِ السّنواتُ: ( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )، بَينما لليالي الشهورُ؛ من هنا جاءت قيمة الأشهر القَمريّة لعَجائب الليالي فيها، متى علمت أنّ نزول القرآن كان في الليلِ مجالُ الجمال، بخلاف النّهار فمجالُه الجَلالُ؛ مِن هنا أيضا دارتْ الأشهرُ القمرية فزارَت جميعَ الفصول ودخلتْ على جميع الأحوال بخِلاف السّنة الشمسيّة.
وإذا أردت أن تسْتشعِر قيمة الليالي وأسرارها العديدة، فاقرأ التّنْصيص عليها حيث إنّ الله تعالى أمر سيّدنا موسى: ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ )، وقال تعالى في أمر سيّدنا لوط: ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ)، وقال تعالى في حقّ سيّدنا إبراهيم: ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي )، وقال تعالى في حقّ سيّد الوجود صلى الله عليه وسلّم: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى )، وقال تعالى: ( إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) .. الآيات في هذا الباب كثيرة، وكلّ آية تدلّ على معاني وحقائق عديدة من أوجه متنوعة.
فنسَب القرآن إلى شهر رمضان، وذلك برَدّ الفرع -الذي هو ليلة القدر- إلى أصلها الذي هو الشهر، رغم بروزها فيه وكوكبتها عليه، فسَرَت حقائق القرآن في هذا الشهر بحسب ما في القرآن من حقائق، فتعيّن على المؤمنين صيامُه في النّهار فرْضا موْسوما وقيامُه في الليل سنّة مَرسومة، لذلك ميّز بين يوم الصيام وبين ليلة الصيام، كما قال تعالى: ( أحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ) حتّى لا يَدوم الوِصال فهو خاصّ بسيّد المرسلين عليه الصلاة والسلام، متى علمتَ أنّه لا التفاتَ مِنه لأوصاف خصوصِيته من حيث حقيقتُـه المحمّدية، بل خرج في وصف العبودية، وهذا غايةُ أدبِ الكَمال منه صلى الله عليه وسلّم، وهو تَمام النّعمة وشكر المنّة، وهو مقام الإمام المُبين، بينما نحن مأمورون بتَوفية حقوق وآداب حقيقته المحمّدية التي مِنها عدم الوصال في الصوم رحمةً بنا ...
كما ذُكر شهر رمضان مَقرونا بذكر نزول القرآن فيه تعظيما لذلك الشهر لئلاّ تقِـلّ حُرمتُه في القلوب وتَضعُف هيبَته في العقول، فكان تعظيم شهر رمضان من تعظيم القرآن، وتعظيمُ القرآن يُرى أثرُه خاصّة في شهر رمضان مِمّا تراه من قيام وقراءة ختْم وأختام، فلا يُقرأ القرآن خِلال جميع السنة أكثر مِمّا يقرأ في شهر رمضان، خصوصا في لياليه ..
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

16 يونيو 2017 12:54

جزاك الله خيرا استاذي الفاضل.
حنان المطيشي
آخر نشاط: معلومات غير متوفرة

23 يونيو 2017 13:26

جزاكم الله خيرا ولاحرمنا منكم
اماني احمد
آخر نشاط: معلومات غير متوفرة


العودة إلى “التصوف و السلوك”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد