رياض الواصلين >> الإيمان والتوحيد >> سلسلة الأسئلة العلمية 1: المعية

19 نوفمبر 2017 19:47

السلام عليكم ورحمة الله،
قصدي بهذه السلسلة أن أطرح على أصدقاء المنتدى وزواره، وعلى رأسهم أستاذنا الفاضل علي الصوفي حفظه الله، ما عندي من أسئلة متنوعة في العلوم الإسلامية والشرعية. فهي تختلف عن "سلسلة الأسئلة الصوفية" التي تختص بميدان التصوف وقضاياه. وإن كان الأمر لا يخلو من تداخل بين السلسلتين.
فليُجب مَن شاء بما شاء، وأرجو أيضا من أخينا علي -وأنا أعرف ظروفه الصحية الصعبة، لطف الله به- ألاّ يكلف نفسه ما لا تطيق في الجواب. لذلك عادي جدا أن تبقى بعض الأسئلة بلا أجوبة، أو يأتي الجواب عنها في المستقبل. وإنما أطرح هذه الأسئلة من باب قول سيدنا علي أمير المؤمنين: اسألوني قبل أن تفقدوني. فأنتهز الفرصة لأسأل الجميع، خاصة علي المعاصر الذي هو على خطى علي -الخليفة- القديم، لنستفيد ونحفظ ما نستفيد، فقد لا يأتي الزمان بمثله أو لا يرزقنا الله سبحانه لقيا أمثاله.
وقد درجتُ منذ فترة على استشارة أخي أ.علي في بعض المسائل. فمن ذلك في الشهر الماضي أنني كنتُ عضوا في لجان مناقشة الدكتوراه. فناقشتُ طالبين باحثين: أحدهما هيأ بحثه عن صورة عيسى عليه السلام في نظر المسيحيين الأوائل، ممّن عاصروه أو عاصروا الحواريين، وضبط ذلك بالقرن الميلادي الأول. والثاني هيأ بحثه في قضية تأويل النص الديني متخذا القرآن الكريم نموذجا وحقلا لهذا التأويل. وقد نال الباحثان شهادة الدكتوراه بعد مناقشتهما بإفاضة. هذه المناقشة التي ذكرتُ فيها بعض علوم أخينا علي الصوفي وحدّثت فيهما الجمهور عنه شخصيا، داعيا إياهم للاستفادة منه ومن كتاباته، فاستحسن الجمهورُ ذلك وعجبوا من وجود أمثال هؤلاء في زماننا. وبحول الله أعود لبعض هذه الفوائد والمناقشات لاحقا.
أما سياق السؤال التالي فهو أنني في تدريسي للطلاب بالجامعة مادة العقيدة، شرحت لهم "صفة المخالفة للحوادث." فانجرّ الكلام وسأل الطلاب عن معنى المعية، واستشكلها بعضهم. فقلتُ لهم ما ملخصه:
المعية أي أن الله سبحانه مع العبد ومع المخلوقات، على اختلاف أحوالهم وفي جميع أوقاتهم. وقد ذكرها القرآن الكريم في عدد من الآيات: (وهو معكم أينما كنتم)، (إنني معكما أسمع وأرى). وهي مشهورة. واختلف فيها الناس على أقوال كثيرة حاصلها: إجراء الآية على ظاهرها (إما بمعنى أن الظاهر هو المقصود، فتكون المعية بالذات. أو أننا لا ندري المقصود، فهذا هو التفويض). أو تأويل الآيات، فيكون الله مع خَلقه بعلمه.
ثم شرحتُ لهم أنني لا أدري معنى المعية، لأنها تُدرك نسبيا ذوقا. وحكيت لهم قصة الصالح الذي آتاه الله نزرا يسيرا من علم المعية، فبدأ البحث عن شيخ مرب كامل، وكان يختبرهم بمسألة المعية، ومكث 13 سنة لم يترك أحدا لم يسأله، فكلهم يحوم حول ما قدّمته وذكرته، حتى وجد من شفى غليله.
لذلك فابن تيمية تناقض في هذه المسألة، لأنه قال بتأويلها، فخرج على ما التزمه من أن مذهب السلف هو إجراء الآيات المتشابهات في الصفات على ظاهرها. وكان عليه إمرار الآيات كما جاءت، فيكون الله بذاته في كل مكان، فهو في السماء إله وفي الأرض إله، وهو سبحانه لا يحويه مكان، بل هو خالق المكان، وكان ولا شيء معه. وكيف هو بذاته مع خلقه؟ الله أعلم بالكيفية. أما إذا قال بالتأويل، فقد فتح بابه، فلماذا النكير على غيره، من أشعرية وماتريدية ومعتزلة، في تأويلهم للصفات الخبرية؟
فالمقصود: كيف نشرح موضوع المعية للطلاب؟ أي ماذا نقول لهم، في غياب الذوق والمعرفة الذوقية؟ كيف نقدّم لهم الموضوع برمته؟
أيضا هل من إضافات وزيادات لنا معشر أصحاب المنتدى؟
جزاكم الله خيرا.
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

العودة إلى “الإيمان والتوحيد”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد