رياض الواصلين >> الفقه و الأصول >> نصائح لطالب العلم 1

03 مايو 2017 09:24

نصائح لطالب العلم (1):هذه نصائح لطالب العلم، رأيت تقديمها بمناسبة افتتاح المنتدى، عللّ يكون فيها بعض النفع.
وننبّه على أن هذه النصائح موجّهة بالدرجة الأولى لطالب العلم المتفرّغ، كما تتعلق أساسا بطلاب العلوم الدينية واللغوية والإنسانية والقانونية.. ونحوها، وإن كان بعضها يفيد غيرهم من طلاب الطب وعلوم الهندسة.

النصيحة الأولى: تصحيح النيّة.

يوجد مفهوم نتداوله كثيرا نحن المسلمين، ويؤمن به أكثريتهم الساحقة، وهو: البركة. وهذا مفهوم صحيح ومشروع ووارد في ديننا، وغيْبيّ أيضا لأنه غير قابل للحسبة العقلية والمنطقية.
والمقصود ألاّ تكون غاية طالب العلم هي الوظيفة فقط، أو المهنة فقط.. أو حتى المعرفة لذاتها. هذا لا بأس به، لكن على الطالب أن تكون له نيّة تقرّب إلى الله سبحانه بطلبه للعلم، فبذلك لا يضيع تعبه وجهده، بل يؤجر عليهما في الآخرة ويبارك الله في عمله وعلمه في الدنيا. وهذا مصداق الحديث المشهور: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..
ويدخل في النيات الصالحة: خدمة الوطن، لأنك بعلمك تنوي أن تنفع نفسك وأسرتك.. وتنفع بني وطنك أيضا، وهم جزء من الأمة الإسلامية، وخدمة المسلمين عبادة.

النصيحة الثانية: عادة القراءة يوميا.

بمجرد أن تستيقظ من نومك وتؤدي صلاتك وتأخذ إفطارك.. لا تفكر في أيّ شيء على الإطلاق. فقط خذ كتابا واقرأ فيه ساعتين أو ثلاثة، ثم يمكنك التحرّك إن شئت.. واجعل هذا عادة يومية لك ما أمكن. لا يهمّ كم تقرأ، بل الذي يهم: هل تقرأ باستمرار، أم بانقطاع؟

النصيحة الثالثة: التفرّغ.

تقول الحكمة: العلم إن أعطيته كلَّـك أعطاك بعضَه، وإن أعطيته بعضك لم يعطك شيئا. لذلك يجب أن تعطي لعملية التعلم الوقت الكافي. ومن الوسائل: لا تخرج من بيتك أو مكتبك مرتين في اليوم، أي إن خرجت صباحا فلا تخرج مساء، والعكس.. وفي بعض الأيام لا تخرج بتاتا، أي تقضي يومك كله في البيت، أو ما هو في حكمه إذا لم تكن ظروف البيت ملائمة.
بمعنى أن العلم يحتاج لاستقرار وليس للطيران المستمر، فاثبـُتْ واجلس.

النصيحة الرابعة: حذار من التقنية!

تخلّص من هاتفك الذكي، سيُشغلك ويضيّع وقتك. وإن كان لابد من هاتف، فاشتر لك هاتفا غبيا قديما. أيضا لا تغل نفسك فوق المطلوب بالحاسوب، ولا تنخدع بالكلام الكثير حول أهمية الحاسوب وتقنيات الإعلاميات، فالقدر الضروري من هذه التقنيات سهلُ الاكتساب، وتوجد مبالغات ضخمة في هذا الموضوع، أي لا تكون ضحية الشعور بأنك غير "مواكب للعصر".. فهَوّن عليك، إذ الأمر لا يستحق.
عليك بالكتاب، وبالمقال العلمي.. تدرّبْ على القراءة وإعادة القراءة والبحث والمقارنة والتفكير والتأمل. وأنت في مقتبل العمر، عندك قوة وشباب، إذا لم تقرأ الكتب الآن فمتى؟ وقراءة الكتب هي عماد العلم والتعليم. أما الجولان في الأنترنت فهو شغل الكسالى من المتعلمين، وحين تستخدم النت عليك بالمواقع المفيدة وذات المحتوى العلمي العالي.. ولا تستعجل، فالزمن أمامك فتجول كما شئت.
اسمع النصيحة من صاحب تجربة مستمرة في العلم والتعلم تقَّــدر بثلث قرن، ودَع عنك الأوهام وما يقوله الناس، فاترك التقنيات بجميع أنواعها، بما فيها التلفزة، أي إن استطعت أن تستغني عن التلفاز في فترة التعلم يكون أفضل. إن التقنية اليوم هي العدوّ "رقم1" للطالب، فاحذر منها.
لا نقول هذا الكلام على إطلاقه، بل نقصد مرحلة الطلب، خاصة بالجامعة.. وحين تتخرج وتنتهي اشتري ما شئت من الأجهزة والهواتف..
بالمختصر: اعمل لنفسك عزلة مؤقتة عن العالم والبشر.

النصيحة الخامسة: لا تنتظر أحدا ولا ظرْفا.

طالب العلم الجادّ إذا أخذ قراره بالتعلم فهو لا ينتظر أحدا يُعلّمه: إنْ توفّر الأستاذ الكفؤ فهذا ممتاز لأنه يختصر لك الطريق، وإذا فُقد لأيّ سبب فالبديل هو الكتاب، ثم مذاكرة الأقران والزملاء في مسائل هذا العلم أو هذا الكتاب.. لذلك إذا شعرتَ بأنك لا تستفيد من أستاذ ما، كما إذا كان يَحكي الحكايات عوض أن يدرّس العلم، فلا تضيّع وقتك عنده.. بل حتى مع وجود الأستاذ المخلص والمقتدر تحتاج لجهدك الخاص في القراءة والمذاكرة، لأن الأستاذ –خاصة في أنظمتنا التعليمية حاليا- مُوجه أكثر منه معلّم، فهو ينير لك الطريق، لكنه لا يستطيع أن يحمله معه.
كذلك الطالب الجاد لا ينتظر ظرفا معيّنا، كتحسّن أحواله المالية مثلا، إذ في الحياة دائما عراقيل ومشكلات ومثبطات.. فإذا كنت تنتظر زوالها لتتعلم وتقرأ، ستكبُر وتشيخ وتموت وأنت تنتظر. اللهم إلاّ إذا كانت ظروفا عائلية أو صحية أو مادية قاهرة لا تُبقي خيارا لصاحبها.. وهذا ليس موضوعنا، إذ هو حالة أخرى.
يتبع..
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

03 مايو 2017 17:53

الشكر موصول لك استاذي على هذه النصائح القيمة :
النصيحة الاولى والثانية والخامسة يمكن تطبيقها بيسر ان شاء الله،و النصيحة الثالثة (التفرغ) نحاول قدر الامكان ،اما النصيحة الرابعة:(الهواتف خصوصا) كيف السبيل للاستغناء عنها ؟؟؟
حنان المطيشي
آخر نشاط: معلومات غير متوفرة

04 مايو 2017 22:51

مرحبا
التفرغ في حدود الإمكان طبعا. ومن لا إمكانية له للتفرغ فيحاول أقصى المستطاع. لكن مثلا إذا طالب العلم له ما يكفيه من شؤون المعيشة، فلا ينبغي أن يشغل نفسه بغير العلم. أما أن يجمع بين العلم وغيره من الأنشطة، فلن يتقن الجميع.
المقصود بالنصيحة الخامسة هو الحذر من التقنية التي أضحت نوعا من المخدرات.. فيقلل منها ما أمكن. أو يلجأ لتقنيات غير متطورة كالهواتف العادية مثلا. أكثر الناس اليوم عبيد للتقنية وضحايا لها. إذا كان طالب العلم مدمنا على الهاتف وتطبيقاته.. فعليه السلام!
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:

09 مايو 2017 02:49

جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ وجعل ما تكتبه في ميزان حسناتك
الشحبلي
آخر نشاط: معلومات غير متوفرة

19 مايو 2017 20:32

جزاكم الله خيرا أستاذي ،لقد أخذت بنصيحتك في التقليل من استعمال الهاتف ، والتفرغ للعلم ، بالفعل هي مسألة إرادة فقط شكرا لكم على التنبيه واسألكم الدعاء.
حنان المطيشي
آخر نشاط: معلومات غير متوفرة

20 ديسمبر 2017 10:05

شكرا جزيلا دكتورنا الغالي علي هذه النصائح الغالية الثمينة...
أحاول أن أسدد وأقارب كما يقال، فلله الحمد أُدَرِس بالجامعه في مصر بدرجة مدرس مساعد أو محاضر (تخصص العلوم الاجتماعية)، وكذلك أحاول أن أَدْرُس العلوم الشرعية، فذهبت الي أحد المعاهد العليا وحصلت علي درجة الدبلوم العالي في الدراسات الاسلامية لكن ذلك لم يشف غليلي ورغبتي في الاستكمال، والآن أحاول أن أدرس علي يد بعض المشايخ المسندين... لكن أجدني أحياناً متنازعاً ممزوعاً ما بين التزامات المال والبيت والزوجة وتربية الأولاد والتحضير للجامعة وتخصصي الأساسي وبين الرغبة في استكمال التعلم من العلوم الشرعية... وأجد في أحيان كثيرة تلاقي وتقاطع وأمور لا أهضمها في العلوم الشرعية فيأتي الدليل عليها من العلوم الاجتماعية أو العكس...وهكذا...

أجدني ألوم نفسي أحياناً وأقول: لماذا تريد الحصول علي كل شيء.. (علوم شرعية وعلوم اجتماعية وعلوم ذوقية)، معاً...ثم أقول: بالعكس هذا هو الطريق... الجمع بين العلوم وهكذا كان سادتنا العلماء الحقيقيين القدماء... وأحيانا ألوم نفسي لتقصيري مع أولادي وزوجتي وتعلقهم بي، وعدم قدرتي علي الجلوس معهم وقتاً كافياً في الأسبوع ... وأحيانا أتساءل هل بعد ذلك من ثمار؟ أو لن يكون له ثمر..

نسأل الله التوفيق والسداد يارب العالمين
طالب العلم
عضو جديد
مشاركات: 10
اشترك في: 14 ديسمبر 2017 10:52
آخر نشاط: 25 مايو 2019 13:34
مكان: cairo
العمر: 40
اتصال:

22 ديسمبر 2017 00:07

أهلا بك وبأسئلتك..
الذي أراه والله تعالى أعلم أن تركز على تخصصك، لأنه مجالك، وحقل عملك.. ولأن من شرط الإبداع في الغالب التخصص. أما الدراسة يمينا ويسارا فتضيِّع الجهود وتـُبدد الطاقة. وبعدها لا يتحقق إبداع ولا إضافة في العلم.
وبالنسبة لعلوم الدين أرى أن تكتفي بالثقافة الإسلامية العامة والمبدئية، بحيث يعرف الإنسان دينه وعبادته وعقيدته.. وأن تخصص الجهد الآخر للسلوك وأخذ الطريق، وعماده المداومة على ذكر الله والصلاة على رسوله، مع الاستقامة العامة.
كما ترى لا يمكن الجمع بين جميع الأمور ولا مندوحة عن بعض التركيز.
إلياس بلكا
عضو نشيط
مشاركات: 204
اشترك في: 22 إبريل 2017 14:35
آخر نشاط: 21 يونيو 2019 22:34
العمر: 55
اتصال:


العودة إلى “الفقه و الأصول”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد