رياض الواصلين >> الحديث وفقه السيرة >> شرح الإمام النووي للأحاديث الأربعين النووية

03 مايو 2017 00:36

الحديث العشرون :

عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ). رواه البخاري .

الشرح :

قوله صلى الله عليه و سلم: ((اذا لم تستح فاصنع ما شئت)) معناهُ: إذا أردت فعل شيء، فإن كان مما لا تستحي من فعله من الله، ولا من الناس فافعله، وإلا فلا. وعلى هذا الحديث يدور مدار الإسلام كله، وعلى هذا يكون قوله صلى الله عليه و سلم: ((فاصنع ما شئت)) أمر إباحة، لأن الفعل إذا لم يكن منهياً عنه شرعاً كان مباحاً.

ومنهم من فسر الحديث بأنك إذا كنت لا تستحي من الله ولا تراقبه فاعط نفسك مناها وافعل ما تشاء، فيكون الأمر فيه للتهديد لا للإباحة، ويكون كقوله تعالى: {اعملوا ما شئتم} [فصلت:40]. وكقوله تعالى: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورَجلكَ وشارِكهُمْ في الأموال والأولاد وعِدْهُم وما يعدهم الشيطانُ إلا غروراً} [الإسراء:64].
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 00:59

الحديث الحادي والعشرون :

عن أبي عمرو ، وقيل أبي عمرة ؛ سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ! قـل لي في الإسـلام قـولا لا أسـأل عـنه أحــدًا غـيـرك ؛ قـال : ( قــل : آمـنـت بـالله ، ثـم اسـتـقم ). رواه مسلم .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((قل آمنت بالله ثم استقم))أي كما أمرت ونهيت، والاستقامة ملازمة الطريق بفعل الواجبات وترك المنهيات، قال الله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} [هود:112].وقال الله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة} [فصلت:30]. أي عند الموت تبشرهم بقوله تعالى: {لا تخافواولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنت توعدون } [فصلت:30].

وفي التفسير أنهم إذا بشروا بالجنة قالوا: وأولادنا ما يأكلون وما حالهم بعدنا؟ فيقال لهم: {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.[فصلت:31]أي نتولى أمرهم بعدكم، فتقر بذلك أعينهم.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 01:02

الحديث الثاني والعشرون :

عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : أرأيت إذا صليت المكتوبات ، وصمت رمضان ، وأحللت الحلال ، وحرمت الحرام ، ولم أزد علي ذلك شيئًا ؛ أأدخل الجنة ؟ قال : ( نعم ). رواه مسلم .

الشرح :


ومعنى حرّمت الحرام: اجتنبته، ومعنى أحللت الحلال: فعلته معتقداً حلّه.

وَمَعْنى حَرَّمْتُ الحَرامَ: اجْتَنَبْتُهُ. وَمَعْنى أَحْلَلْتُ الحَلالَ:فَعَلْتُهُ مُعْتَِقداً حِلَّهُ.

قوله: ((أرأيت... إلخ)) معناه: أخبرني.

وقوله: ((وأحللت الحلال)) أي اعتقدته حلالاً وفعلت منه الواجبات، ((وحرمت الحرام)) أي اعتقدته حراماً ولم أفعله.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) أي تدخل الجنة.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 01:13

الحديث الثالث والعشرون :

عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملأن – أو : تملأ – ما بين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ؛ كل الناس يغدو ، فبائع نفسه فمعتقها ، أو موبقها ). رواه مسلم .

الشرح:

قوله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان)) فسر الغزالي الطهور: بطهارة القلب من الغل والحسد والحقد وسائر أمراض القلب. وذلك أن الإيمان الكامل إنما يتم بذلك، فمن أتى بالشهادتين حصل له الشطر، ومن طهر قلبه من بقية الأمراض كمل إيمانه، ومن لم يطهر قلبه فقد نقص إيمانه.

قال بعضهم: ومن طهر قلبه وتوضأ واغتسل وصلى، فقد دخل الصلاة بالطهارتين جميعاً، ومن دخل في الصلاة بطهارة الأعضاء خاصة فقد دخل بإحدى الطهارتين، والله سبحانه وتعالى لا ينظر إلا إلى طهارة القلب لقوله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبشاركم ولكن ينظر إلى قلوبكم)).

قوله صلى الله عليه وسلم: ((والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض)) وهذا قد يشكل على الحديث الآخر وهو أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: ((يا رب دلني على عمل يدخلني الجنة ؟ قال: يا موسى قل: لا إله إلا الله، فلو وضعت السماوات السبع والأرضون السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، لرجحت بهم لا إله إلا الله )). ومعلوم أن السماوات والأرضين أوسع مما بين السماء والأرض، وإذا كانت الحمد لله تملأ الميزان وزيادة، لزم أن تكونا لحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض لأن الميزان أوسع مما بين السماء الأرض ،و الحمد لله تملؤها. والمراد لو كان جسماً لملأ الميزان، أو أن ثواب الحمد لله يملؤها.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((والصلاة نور)) أي ثوابها نور وفي الحديث: ((بَشِّر الماشين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)).

قوله صلى الله عليه وسلم: ((والصدقة برهان)) أي دليل على صحة إيمان صاحبها، وسميت صدقة لأنها دليل على صدق إيمانه،وذلك أن المنافق قد يصلي ،ولا تسهل عليه الصدقة غالباً.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((والصبر ضياء)) أي الصبر المحبوب، وهو الصبر على طاعة الله،و البلاء ومكاره الدنيا، ومعناه: لا يزال صاحبه مستمراً على الصواب.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل الناس يغدو فبائع نفسه)) معناه كل إنسان يسعى لنفسه، فمنهم من يبيعها لله بطاعته فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما ((فيوبقها)) أي يهلكها، قال عليه الصلاة والسلام: ((من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وأنبياءك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك،وأن محمداً عبدك ونبيك، أعتق الله ربعه من النار، فإن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار، فإن قالها ثلاثاُ أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار، فإن قالها أربعاً أعتق الله كله من النار)).

فإن قيل: المالك إذا أتق بعض عبده سرى العتق إلى باقيه والله تعالى أعتق الربع الأول فلم يسر عليه وكذلك الباقي.

فالجواب: إن السراية قهرية، والله تعالى لا تقع عليه الأشياء القهرية بخلاف غيره، ولا يقع في حكمه سبحانه ما لا يريد، قال الله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهمُ الجنةَ يُقاتلون في سبيلِ الله فَيَقتلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوارة والإنجيل والقرآن و من أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيِعكُم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } [التوبة:111].

قال بعض العلماء : لم يقع بيع أشرف من هذا، وذلك أن المشتري هو الله ،و البائع المؤمنون،والمبيع الأنفس، والثمن الجنة.

وفي الآية دليل على أن البائع يجبر أولاً على تسليم السلعة قبل أن يقبض الثمن،وأن المشتري لا يجبر أولاً على تسليم الثمن.

وذلك أن الله تعالى أوجب على المؤمنين الجهاد حتى يقتلوا في سبيل الله فأوجب عليهم أن يسلموا الأنفس المبيعة ويأخذوا الجنة. فإن قيل: كيف يشتري السيد من عبيده أنفسهم،و الأنفس ملك له ؟! قيل: كاتبهم ثم اشترى منهم،والله تعالى أوجب عليهم الصلوات الخمس والصوم وغير ذلك،فإذا أدّوا ذلك فهم أحرار،و الله تعالى أعلم.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 01:17

الحديث الرابع والعشرون :

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى ، أنه قال : ( يا عبادي : إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعـلته بيـنكم محرما ؛ فلا تـظـالـمـوا. يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم . يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم . يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فأستغفروني أغفر لكم . يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي ! لو أن أولكمم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقي قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا . يا عبادي ! لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا . يا عبادي ! لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل واحد مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ؛ فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ). رواه مسلم .

الشرح :


قوله عز وجل: ((إني حرمت الظلم على نفسي)) أي تقدست عنه ، والظلم مستحيل في حق الله تعالى، فإن الظلم مجاوزة الحد والتصرف في ملك الغير وهما جميعاً محال في حق الله تعالى.

قوله تعالى: ((فلا تظالموا)) أي فلا يظلم بعضكم بعضاً.

قوله تعالى: ((إنكم تَخطَأون بالليل والنهار)) بفتح التاء والطاء على أنه من خطىء بفتح الخاء وكسر الطاء يخطأ في المضارع، ويجوز فيه ضم التاء على أنه من أخطاء، والخطأ يستعمل في العمد والسهو ولا يصح إنكار هذه اللغة ويرد عليه قوله تعالى: {إنَّ قَتْلهمُ كانَ خِطأً كبيراً} [الإسراء:31]. بفتح الخاء والطاء وقرىء((خطئاً كبيراً)) أيضاً.

قوله تعالى: ((لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم))...إلخ دلت الأدلة السمعية والعقلية على أن الله مستغن في ذاته عن كل شيء، وأنه تعالى لا يتكثر بشيء من مخلوقاته، وقد بين الله تعالى أن له ملك السماوات والأرض وما بينهما، ثم بين أنهم مستغن عن ذلك قال تعالى: {يخلق الله ما يشاء} [آل عمران:47]. وهو قادر على أن يذهب هذا الوجود ويخلق غيره، ومن قدر على أن يخلق كل شيء، فقد استغنى عن كل موجود، ثم بين سبحانه وتعالى أنه مستغن عن الشريك فقال تعالى: {ولم يكن له شريك في الملك}. ثم بين سبحانه وتعالى أنه مستغن عن المعين والظهير فقال تعالى: {ولم يكن له ولي من الذل} [الإسراء:111]. فوصف العز ثابت أبداً، ووصف الذل منتف عنه تعالى، ومن كان كذلك فهو مستغن عن طاعة المطيع،ولو أن الخلق كلهم أطاعوا كطاعة أتقى رجل منهم، وبادروا إلى أوامره ونواهيه ولم يخالفوه، لم يتكثر سبحانه وتعالى بذلك،ولا يكون ذلك زيادة في ملكه،و طاعتهم إنما حصلت بتوفيقه وإعانته،وطاعتهم نعمة منه عليهم،ولو إنهم كلهم عصوه كمعصية أفجر رجل وهو إبليس، وخالفوه أمره ونهيه لم يضره ذلك ولم ينقص ذلك من كمال ملكه شيئاً، فإنه لو شاء أهلكهم وخلق غيرهم فسبحان من لا تنفعه الطاعة، ولا تضره المعصية.

قوله تعالى: ((فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط اذا أدخل البحر)) ومعلوم أن المخيط وهو الإبرة وذلك في المشاهدة لا تنقص من البحر شيئاً، والذي يتعلق بالمخيط لا يظهر له أثر في المشاهدة ولا الوزن.

قوله تعالى: ((فمن وجد خيراً فليحمد الله)) أي على توفيقه لطاعته.

قوله تعالى: ((ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )) حيث اعطاها مناها واتبع هواها.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 13:20

الحديث الخامس والعشرون :

عن أبي ذر رضي الله عنه أيضا ، أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالاجور ؛ يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويـتـصـد قــون بفـضـول أمـوالهم . قـال : ( أولـيـس قـد جعـل الله لكم ما تصدقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، وفي بعض أحـد كم صـدقـة ). قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر ). رواه مسلم

الشرح :

قوله: قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر)) اعلم أن شهوة الجماع أحبها الأنبياء والصالحون، قالوا: لما فيها من المصالح الدينية والدنيوية من غضِّ البصر وكسر الشهوة عن الزنا وحصول النسل الذي تتم به عمارة الدنيا وتكثر الأمة إلى يوم القيامة، قالوا: وسائر الشهوات يقسي تعاطيها القلب، إلا هذه فإنها ترقق القلب.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 16:55

الحديث السادس والعشرون :

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل فى دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلي الصلاة صدقة ، وتميط الأذي عن الطريق صدقة ). رواه البخاري ، ومسلم .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل سلامى من الناس عليه صدقة)) والسلامى أعضاء الإنسان،وذكر أنها ثلاث مائة وستون عضواً منها صدقة كل يوم، وكل عمل بر من تسبيح أو تهليل أو تكبير أو خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، فمن أدى هذه في أول يومه فقد أدى زكاة بدنه فيحفظ بقيته.

وجاء في الحديث: ((أن ركعتين من الضحى تقوم مقام ذلك)).

وفي الحديث: ((يقول الله تعالى: يا ابن آدم صلِّ لي أربع ركعات في أول اليوم أكفك في أول اليوم وأكفك في آخره)).
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:08

الحديث السابع والعشرون :

عن النواس بن سـمعـان رضي الله عـنه ، عـن النبي صلى الله عـليه و سلم قـال : ( الـبـر حـسـن الـخلق والإثـم ما حـاك في نـفـسـك وكـرهـت أن يـطـلع عــلـيـه الـنـاس ). رواه مسلم . وعن وابصه بن معبد رضي الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال : ( جئت تسأل عن البر ؟ ) قلت : نعم ؛ فقال : ( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس و تردد في الصدر ، و إن أفتاك الناس وأفتوك ) . حديث حسن ، رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل ، والدارمي بإسناد حسن .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((البر حسن الخلق)) وقد تقدم الكلام في حسن الخلق، قال ابن عمر: البر أمر هين، وجه طلق ولسان لين. وقد ذكر الله تعالى آية جمعت أنواع البر فقال تعالى: {ولكن البرَّ مَنْ آمَنَ بالله واليومِ الآخر} [البقرة177].

قوله صلى الله عليه و سلم: ((والإثم ما حاك في نفسك)) أي اختلج وتردد ولم تطمئن النفس إلى فعله ، و في الحديث دليل على أن الإنسان يراجع قلبه إذا أراد الإقدام على فعل شيء فإن اطمأنت عليه النفس فعله وإن لم تطمئن تركه، وقد تقدم الكلام على الشبهة في حديث ((الحلال بين والحرام بين)). ويروى أن آدم عليه الصلاة والسلام أوصى بنيه بوصايا، منها أنه قال: إذا أردتم فعل شيء فإن اضطربت قلوبكم فلا تفعلوه، فإني لما دنوت من أكل الشجرة اضطرب قلبي عند الأكل. و منها أنه قال : إذا أردتم فعل شيء فانظروا في عاقبته فإني لو نظرت في عاقبة الأكل ما أكلت من الشجرة. و منها أنه قال : إذا أردتم فعل شيء فاستشيروا الأخيار فإني لو استشرت الملائكة لأشاروا عليّ بترك الأكل من الشجرة .

قوله صلى الله عليه وسلم: ((وكرهت أن يطلع عليه الناس)) لأن الناس قد يلومون الإنسان على أكل الشبهة وعلى أخذها وعلى نكاح امرأة قد قيل إنها أرضعت معه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((كيف وقد قيل)). وكذلك الحرام إذا تعاطاه الشخص يكره أن يطلع عليه الناس، ومثال الحرام الأكل من مال الغير، فإن يجوز إن كان يتحقق رضاه، فإن شك في رضاه حرم الأكل،وكذلك التصرف في الوديعة بغير إذن صاحبها، فإن الناس إذا اطلعوا على ذلك أنكروه عليه، وهو يكره اطلاع الناس على ذلك لأنهم ينكرون عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما حاك في النفس ، وإن أفتاك الناس وأفتوك))مثاله الهدية إذا جاءتك من شخص، غالب ماله حرام،وترددت النفس في حلها،وأفتاك المفتي بحل الأكل فإن الفتوى لاتزيل الشبهة،وكذلك إذا أخبرته امرأة بأنه ارتضع مع فلانة، فإن المفتي إذا أفتاه بجواز نكاحها لعدم استكمال النصاب لا تكون الفتوى مزيلة للشبهة، بل ينبغي الورع وإن أفتاه الناس، والله أعلم..
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:19

الحديث الثامن والعشرون :

عن أبي نجـيـج العـرباض بن سارية رضي الله عنه ، قال : وعـظـنا رسول الله صلي الله عليه وسلم موعـظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها الدموع ، فـقـلـنا : يا رسول الله ! كأنها موعـظة مودع فـأوصنا ، قال : ( أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعــش منكم فسيرى اخـتـلافـا كثيرًا ، فعـليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عـضوا عـليها بالـنـواجـذ ، واياكم ومـحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلاله ). رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح.

الشرح :

قوله: ((وعظنا)) الوعظ هو التخويف.

قوله: ((وذرفت منها العيون)) أي بكت ودمعت.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي)) أي عند اختلاف الأمور الزموا سنتي، وعضوا عليها بالنواجذ وهي مؤخر الأضراس وقيل: الأنياب ،والإنسان متى عض بنواجذه كأن يجمع أسنانه فيكون مبالغة، فمن العض على السنة الأخذ بها وعدم اتباع آراء أهل الأهواء والبدع، وعضوا: فعل أمر من عض يعض، وهو بفتح العين، وضمها لحن،ولذلك تقول: بر أمك يازيد، لأنه من بر يبر ولا تقول، بر إمك بضم الباء.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)) رضي الله عنهم ، يريد الأربعة وهم: أبوبكر، وعمر وعثمان، وعلي.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:28

الحديث التاسع والعشرون :

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ! أخبرني بعمل يدخلني الجنه و يباعدني عن النار ، قال : ( لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئاَ ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ) ثم قال : ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟: الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ) ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ { يعملون } [ 32 سورة السجدة / الأيتان : 16 و 17 ] ثم قال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله ، قال : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ) ثم قال : ( ألا أخبرك بملا ذلك كله ؟ ) فقلت : بلى يا رسول الله ! فأخذ بلسانه وقال : ( كف عليك هذا )، قلت : يا نبي الله وإنما لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ( ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم –أو قال : (على مناخرهم )- إلا حصائد ألسنتهم ؟!). رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .

الشرح :


قوله صلى الله عليه و سلم: ((و ذرون سنامة)) أي أعلاه، و((مِلاك الشيء)) بكسر الميم: أي مقصوده.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((ثكلتك أمك)) أي فقدتك، ولم يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الدعاء بل جرى ذلك على عادة العرب في المخاطبات، و((حصائد ألسنتهم)) جناياتها على الناس بالوقوع في أعراضهم والمشي بالنميمة ونحو ذلك، وجنايات اللسان: الغيبة والنميمة والكذب والبهتان وكلمة الكفر والسخرية وخلف الوعد، قال الله تعالى: {كَبُرَ مقتاً عِنْدَ الله أنْ تقولوا ما لا تَفْعَلون} [الصف:30].
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:33

الحديث الثلا ثــون :

عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال : (إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودًا فلا تعتدوها ، و حرم أشياء فلا تنتهكوها ، و سكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ). حديث حسن ، رواه الدارقطني ، وغيره .

الشرح :

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((حرم أشياء فلا تنتهكوها)) أي فلا تدخلوا فيها.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((وسكت عن أشياء رحمة لكم)) تقدم معناه.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:45


الحديث الحادي والثلاثون :

عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس ؛ فقال : ( ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ) . حديث حسن ، رواه ابن ماجه ، وغيره بأسانيد حسنه

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم((ازهد في الدنيا يحبك الله)) الزهد: ترك ما لا يحتاج إليه من الدنيا، و إن كان حلالاً، و الاقتصار على الكفاية ، و الورع: ترك الشبهات قالوا: وأعقل الناس الزهاد ، لأنهم أحبوا ما أحب الله ، و كرهوا ما كره الله من جمع الدنيا ، واستعلموا الراحة لأنفسهم. قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو أوصى لأعقل الناس صرف للزهاد.

أو ما ترى الخطّاف حرَّم زادهم --- فغدا رئيساً في الحجور قريباً

وللشافعي رضي الله عنه في ذم الدنيا قوله: ((حرام على نفس التقي ارتكابها)) يدل على تحريم الفرح بالدنيا، وقد صرح بذلك البغوي في تفسير قوله تعالى: {وفرحوا بالحياة الدنيا} [الرعد:26]. ثم المراد بالدنيا بالمذمومة: طلب الزائد على الكفاية، أما طلب الكفاية فواجب، قال بعضهم: وليس ذلك من الدنيا، وأما الدنيا فالزائدة على الكفاية،واستدل بقوله تعالى: {زُيِّن للناسِ حُبُّ الشهواتِ من النساءِ والبَنِينَ والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوُّمِة والأنعامِ والحرث ذلك متاعُ الحياةِ الدنيا والله عنده حسن المآب} [آل عمران:14]. فقوله تعالى ذلك إشارة إلى ما تقدم من طلب التوسع والتبسط، قال الشافعي رحمه تعالى : طلب الزائد من الحلال عقوبة ابتلى الله بها أهل التوحيد. ثم بعد ذلك إذا فرح بها لأجل المباهاة والتفاخر والتطاول على الناس فهو مذموم ، و من فرح بها لكونها من فضل الله عليه فهو محمود.

قال عمر رضي الله عنه: اللهم إنا لا نفرح إلا بما رزقتنا.

وقد الله تعالى المقتصدين في العيش فقال تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يَقتُروا وكان بين ذلك قواما} [الفرقان:67].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، ولا افتقر من اقتصد)). وكان يقال: القصد في المعيشة يكفي عنك نصف المؤنة ، والاقتصاد: الرضى بالكفاية ، قال بعض الصالحين: من اكتسب طيباً وأنفق قصداً قدم فضلاً.


 
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:52

الحديث الثاني والثلاثون :

عن أبي سـعـيـد سعـد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر و لا ضرار ). حديث حسن ، رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهـما مسندا. ورواه مالك في (الموطأ) عـن عـمرو بن يحي عـن ابيه عـن النبي صلي الله عـليه وسلم مرسلا ، فـأسـقـط أبا سعـيد ، و له طرق يقوي بعـضها بعـضـًُا .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرار)) أي لا يضر أحدكم أحداً بغير حق ولا جناية سابقة.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا ضرار)) أي لاتضر من ضرك، وإذا سبك أحد فلا تسبه، وإن ضربك فلا تضربه، بل اطلب حقك منه عند الحاكم من غير مسابة، وإذا تساب رجلان أو تقاذفا لم يحصل التقاص، بل كل واحد يأخذ حقه بالحاكم، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((للمتسابين ما قالا، وعلى البادي منهما الإثم، ما لم يعتد المظلوم بسبب زائد )).
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 17:59

الحديث الثالث والثلاثون :

عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى رجال أموال قوم و دماءهم ، لكن البينة على المدعي و اليمين على من أنكر). حديث حسن ، رواه البيهقي وغيره هكذا ، وبعضه في (الصحيحين).

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) إنما كانت البينة على المدعي لأنه يدعي خلاف الظاهر والأصل براءة الذمة، وإنما كانت اليمين في جانب المدعى عليه لأنه يدعي ما وافق الأصل وهو براءة الذمة.

ويستثنى مسائل، فيقبل المدعي بلا بينة فيما لا يعلم إلا من جهته كدعوى الأب حاجة إلى الإعفاف، ودعوى السفيه التوقان إلى النكاح مع القرينة، ودعوى الخنثى الأنوثة والذكورة، ودعوى الطفل البلوغ بالاحتلام،ودعوى القريب عدم المال ليأخذ النفقة، ودعوى المدين الإعسار في دين لزمه بلا مقابل، كصداق الزوجة،و الضمان،وقيمة المتلف،و دعوى المرأة انقضاء العدة بالإقراء، أو بوضع الحمل، ودعواها أنها استحلت وطلقت،ودعوى المودع تلف الوديعة أو ضياعها بسرقة ونحوها.

ويستثنى أيضاً: القسامة فإن الإيمان يكون في جانب المدعي مع اللوث، واللِعان فإن الزوج يقذف ويلاعن ويسقط عنه الحدود،و دعوى الوطء في مدة اللعنة، فإن المرأة اذا أنكرته يصدق الزوج بدعواه، إلا أن تكون الزوجة بكراً، وكذا لو ادعى أنه وطىء في مدة الإيلاء ،وتارك الصلاة إذا قال: صليت في البيت،ومانع الزكاة إذا قال: أخرجتها إلا أن ينكر الفقراء وهم محصورون فعليه البينة، وكذا لو ادعى الفقر وطلب الزكاة أعطي ولا يحلف، بخلاف ما إذا ادعى العيال فإنه يحتاج إلى البينة، ولو أكل في يوم الثلاثين من رمضان وادعى أنه رأى الهلال لم يقبل منه إن ادعى ذلك بعد الأكل، فإنه ينفي عن نفسه التعزير، وإذا ادعى ذلك قبل الأكل قبل ولم يعزر، وينبغي أن يأكل سراً لأن شهادته وحده لا تقبل.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((واليمين على من أنكر)) هذه اليمين تسمى يمين الصبر، وتسمى الغموس، وسميت يمين الصبر لأنها تحبس صاحب الحق عن حقه والحبس: الصبر، ومنه قيل للقتيل والمحبوس عن الدفن مصبر، قال صلى الله عليه وسلم: ((من حلف على يمين صبر يقتطع به مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي وهو عليه غضبان)) وهذه اليمين لا تكون إلا على الماضي، ووقعت في القرآن العظيم في مواضع كثيرة: منها قوله تعالى : {يحِلُفون بالله ما قالوا} [التوبة:74]، ومنها قوله تعالى إخباراً عن الكفرة: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا: والله ربّنا ما كُنَّا مُشرِكين} [الأنعام:23]. ومنها قوله تعالى: {إنَّ الذين يشترون بعهدِ الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولا يُكلمُهُم اللهُ ولا ينظرُ إليهم يوم القيامةِ ولا يُزكيهمْ ولُهمْ عذابِّ أليم} [آل عمران:77].

ويستحب للحاكم أن يقرأ هذه الآية عن تحليفه للخصم لينزجر.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 18:11

الحديث الرابع والثلاثون :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرًا فلغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعـف الإيمان ). رواه مسلم .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((وذلك أضعف الإيمان)) ليس المراد أن العاجز إذا أنكر بقلبه يكون إيمانه أضعف من إيمان غيره، وإنما المراد أن ذلك أدنى الإيمان وذلك أن العمل ثمرة الإيمان،وأعلى ثمرة الإيمان في باب النهي عن المنكر أن ينهي بيده، وإن قتل كان شهيداً، قال الله تعالى حاكياً عن لقمان: {يا بُنَّي أقِمِ الصلاةَ وأمُرْ بالمعروفِ وانْه عن المُنكَرِ واصبِرْ على ما أصابَك} [لقمان:17] ويجب النهي على القادر باللسان وإن لم يسمع منه، كما إذا علم أنه إذا سلم لا يُرد عليه السلام فإنه يسلم.

فإن قيل قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن، لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)) يقتضي أن غير المستطيع لا يجوز له التغيير بغير القلب والأمر للوجوب. فجوابه من وجهين: احدهما أن المفهوم مخصص بقوله تعالى: {واصبر على ما أصابك}.

والثاني أن الأمر فيه يعني رفع الحرج لا رفع المستحب. فإن قيل الإنكار بالقلب ليس تغيير المنكر فما معنى قوله صلى الله عليه و سلم ((فبقلبه)).

فجوابه: أن المراد أن ينكر ذلك ولا يرضاه ويشتغل بذكر الله، وقد مدح الله تعالى العاملين بذلك فقال: {وإذا مرُّوا باللّغو مرُّوا كراماً} [الفرقان:72].
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 18:23

الحديث الخامس والثلاثون :

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم خو المسلم ، لا يظلمه و لا يخذله ، ولا يكذبه ، و لا يحقره ، التقوى ها هنا ) و يشير صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات – ( بحسب امرىء أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ). رواه مسلم .


الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسدوا)) قد تقدم أن الحسد على ثلاثة أنواع. والنجش: أصله الارتفاع والزيادة،و هو أن يزيد في ثمن سلعة ليغر غيره، وهو حرام،لأنه غش وخديعة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تدابروا)) أي لا يهجر أحدكم أخاه وإن رآه أعطاه دبره أو ظهره قال صلى الله عليه وسلم: ((لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).

والبيع على بيع أخيه، صورته: أن يبيع أخوه شيئاً فيأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله أ و أحسن منه بأقبل من ثمن ذلك، والشراء علىالشراء حرام: بأن يأمر البائع بالفسخ ليشتريه منه بأغلى ثمن، وكذلك يحرم السوم على سوم أخيه، وكل هذا داخل في الحديث لحصول المعنى ،و هو التباغض والتدابر، وتقييد النهي ببيع أخيه يقتضي أنه لا يحرم على بيع الكافر ، وهو وجه لابن خالويه، والصحيح لا فرق لأنه من باب الوفاء بالذمة والعهد.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((التقوى ههنا )) وأشار بيده إلى صدره وأراد القلب، وقدتقدم قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله)) قوله صلى الله عليه وسلك: ((ولا يخذله)) أي عند أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر، أو عند مطالبته بحق من الحقوق، بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يحقره)) أي فلا يحكم على نفسه بأنه خير من غيره، بل يحكم على غيره بأنه خير منه، أو لا يحكم بشيء فإن العاقبة منطوية ولا يدري العبد بما يختم له، فإذا رأى صغيراً مسلماً حكم بأنه خير منه باعتبار أنه أخف ذنوباً منه، وإن رأى من هو أكبر سناً منه حكم له بالخيرية باعتبار أنه أقدم هجره مه في الإسلام، وإن رأى كافراً لم يقطع له بالنار لا حتمال أنه يسلم فيموت مسلماً.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((بحسب امرىء من الشر)). أي يكفيه من الشر ((أن يحقر أخاه)) يعني أن هذا شر عظيم يكفي فاعله عقوبة هذا الذنب..

قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل المسلم إلخ)) قال في حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا )). واستدل الكرابيسي بهذا الحديث على أن الغيبة الوقوع في عرض المسلمين كبيرة إما لدلالة الاقتران بالدم والمال إما لتشبيه بقوله: ((كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) وقد توعد الله تعالى بالعذاب الأليم عليه فقال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظْلمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أليمٍ} [الحج:25].
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 18:38

الحديث السادس والثلاثون :

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، و من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والأخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، و من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلي الجنه ، و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، و يتدارسونه بينهم ؛ إلا نزلت عليهم السكينه ، وغشيتهم الرحمه ، وحفتهم الملائكة ، و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ). رواه مسلم بهذا اللفظ .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) فيه دليل على استحباب خلاص الأسير من أيدي الكفار بماله يعطيه،و على تخليص المسلم من أيدي الظلمة وخلاصه من السجن.يقال: إن يوسف عليه السلام لما خرج من السجن كتب على بابه : ((هذا قبر الأحياء، وشماتة الأعداء، وتجربة الأصدقاء)). ويدخل في هذا الباب الضمان عن المعسر، والكفالة ببدنه، لمن هو قادر عليه، أما العاجز فلا ينبغي له ذلك،وقال بعض أصحاب القفال: إن في التوراة مكتوباً: ((الكفالة مذمومة)) أولها ندامة وأوسطها ملامة، وآخرها غرامة)). فإن قيل:قال الله تعالى: {ومن جاء بالحسنة فله عَشْرُ أمثالها} [الأنعام:160]. وهذا الحديث يدل على أن الحسنة بمثلها لأنها قوبلت بتنفيس كربة واحدة،و لم تقابل بعشر كرب من يوم القيامة.

فجوابه من وجهين : أحدهما أن هذا من باب مفهوم العدد، والحكم المعلق بعدد لا يدل على نفي الزيادة والنقصان.

والثاني: أن كل كربة من كرب يوم القيامة تشتمل على أهوال كثيرة وأحوال صعبة ومخاوف جمة، وتلك الأهوال تزيد على العشرة وأضعافها. وفي الحديث سر آخر مكتوم يظهر بطريق اللازم للملزوم، وذلك أن فيه وعداً بإخبار الصادق: أن من نفس الكربة عن المسلم يختم له بخير، ويموت على الإسلام، لأن الكفار لا يرحم في دار الآخرة ولا ينفس عنه من كربه شيء، ففي الحديث إشارة إلى بشارة تضمنتها العبارة الواردة عن صاحب الإمارة، فبهذا الوعد العظيم فليثق الواثقون {لمثل هذا فليعمل العاملون} [الصافات:61].فأفضل العمل تنفيس الكرب.

وفي الحديث دليل على استحباب ستر المسلم إذا اطلع عليه أنه عمل فاحشة قال الله تعالى: {إنَّ الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} [النور:19]. والمستحب للإنسان إذا اقترف ذنباً أن يستر علىنفسه، وأما شهود الزنا، فاختلف فيهم على وجهين، احدهما: يستحب لهم الستر، والثاني: الشهادة.

وفصل بعضهم فقال : إن رأوا مصلحة في الشهادة شهدوا، أو في الستر ستروا.

وفي الحديث دليل على استحباب المشي في طلب العلم،ويروى أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام:أن خذ عصا من حديد ونعلين من حديد وامش في طلب العلم حتى يتخرق النعلان وتتكسر العصا.

وفيه دليل على خدمةالعلماء وملازمتهم والسفر معهم واكتساب العلم منهم،قال الله تعالى حاكياً عن موسى عليه الصلاة والسلام: {هل أَتِبعُكَ على أن تعلمني مما علمت رُشداً} [الكهف:66].

وعلم أن هذا الحديث له شرائط، منها العمل بما يعلمه، وقال أنس رضي الله عنه: العلماء همتهم الرعاية، والسفهاء همتهم الرواية.

ومن شرائطه نشره قال الله تعالى: { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة لَيتَفَقَّهُوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة:122]. وروى أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((ألا أخبركم عن أجود الأجواد)) قالوا بلى يا رسول الله، قال: ((الله أجود الأجواد، وأنا أجود ولد آدم، وأجودهم بعدي رجل علم علماً فنشره يبعث يوم القيامة أمةوحده ،ورجل بنفسه في سبيل الله حتى قتل)).

ومن شرائطه ترك المباهاة والممارة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من طلب العلم لأربعة دخل النار: ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يأخذ به الأموال، أو يصرف به وجوه الناس إليه )).

ومن شرائطه الاحتساب في نشره وترك البخل به، قال الله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجراً} [الأنعام:90].

ومن شرائطه ترك الأنفة من قول لا أدري، قال صلى الله عليه وسلم في علو مرتبته لما سئل عن الساعة: ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)). وسئل عن الروح فقال : ((لا أدري)).

ومن شرائطه التواضع قال الله تعالى: { وعبادُ الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} [الفرقان63]. قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (( يا أبا ذر احفظ وصية نبيك عسى أن ينفعك الله بها، تواضع لله عز وجل عسى أن يرفعك القيامة، وسلم على من لقيت من أمتي برَّها وفاجرها، والبس الخشن من الثياب، ولاتُرِدْ بذلك إلا وجه الله تعالى، لعل الكبر والحمية لا يجدان في قبلك مساغاً)).

ومن شرائطه احتمال الأذى في بذل النصيحة والاقتداء بالسلف الصالح في ذلك قال الله تعالى: {وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك} [لقمان:17]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أوذي نبِّي مثل ما أوذيت)).

ومن شرائطه أن يقصد بعلمه من كان أحوج إلى التعليم، كما يقصد بالصدقة بالمال الأحوج فالأحوج، فمن أحيا جاهلاُ بتعليم العلم فكأنما أحيا الناس جمعياً، ومما قيل في تنبيه الغافل ورده إلى الطاعة.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((إلا نزلت عليه السكينة)) هي فعيلة من السكون، أي الطمأنينة من الله، قال الله تعالى: {ألا بذكرِ تطمَئِنُّ القلوب} [الرعد:28]. وكفى بذكر الله شرفاً ذكر الله العبد في الملأ الأعلى.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن بطأ به عمله)) أي وإنكان نسيباً ((لم يسرع به نسبه)) إلى الجنة فيقدم العامل بالطاعة ولو كان عبداً حبشياً على غير العامل ولو كان شريفاً قرشياً، قال الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13].
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 18:48

الحديث السابع والثلاثون :

عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى ، قال : ( إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات ، ثم بين ذلك ، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده سيئة واحدة ). رواه البخاري و مسلم في ( صحيحيهما ) بهذه الحروف .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة)) روى البزار في مسنده أنه صلى الله عليه وسلم قال: (الأعمال سبعة: عملان موجبان،وعملان واحد بواحد، وعمل الحسنة فيه بعشرة، وعمل الحسنة فيه بسبعمائة ضعف، وعمل لا يحصي ثوابه إلا الله تعالى. فأما العملان الموجبان فالكفر والإيمان، فالإيمان يوجب الجنة والكفر يوجب النار ، وأما العملان اللذان هما واحد بواحد، فمن هم بحسنة ولم يعملها كتبها الله له حسنة، ومن عمل سيئة كتب الله عليه سيئة واحدة، وأما العمل الذي بسبعمائة ضعف فهو الجهاد في سبيل الله تعالى: {كمثل حبةٍ أنْبتَتْ سبع سنابل في كل سنبلة مائةُ حبة} [البقرة:26]. ثم ذكر الله سبحانه وتعالى أنه يضاعف لمن يشاء زيادة على ذلك، وقال الله تعالى: {وإن تكُ حَسَنة يضاعفها ويؤتِ من لدنه أجراً عظيما ً} [النساء:40].فدلت الآية والحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((إلى أضعاف كثيرة)) إن العشر والسبعمائة كلمة ليست للتحديد وأنه يضاعف لمن يشاء ويعطي من لدنه ما لا يعد ولا يحصى فسبحان من لا تحصى آلاؤه ولا تعد نعماؤه فله الشكر والنعمة والفضل.

وأما السابع فهو الصوم،((يقول الله تعالى:كُلُّ عَمَلِ ابْن آدم له إلا الصومُ فإنَّهُ لي وأنا أجزي به)). فلا يعلم ثواب الصوم إلا الله.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 19:00

الحديث الثامن والثلاثون :

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر فيه ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعـطينه ، ولئن استعاذ ني لأعيذ نه ). رواه البخاري .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) المراد هنا بالولي:المؤمن قال الله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا} [البقرة:257].فمن آذى مؤمناً فقد آذنه الله، أي أعلمه الله أنه محارب له، والله تعالى إذا حارب العبد أهلكه، فليحذر الإنسان من التعرض لكل مسلم قوله تعالى: ((وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليًّ مما افترضته عليه)) فيه دليل على أن فعل الفريضة من أفضل النوافل، وجاء في الحديث: ((إن ثواب الفريضة يفضل على ثواب النافلة بسبعين مرة)).

قوله تعالى: ((ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه)) ضرب العلماء رضي الله تعالى عنهم لذلك مثلاً فقالوا: مثل الذي يأتي بالنوافل مع الفرائض، ومثل غيره كمثل رجل أعطى لأحد عبديه درهماً ليشتري به فاكهة، وأعطى آخر درهماً ليشتري فاكهة، فذهب أحد العبدين فاشترى فاكهة فوضعها في قوصرة، وطرح عليها ريحاناً ومشموماً من عنده، ثم جاء فوضعها بين يدي السيد، وذهب الآخر واشترى الفاكهة في حجره ثم جاء فوضعها بين يدي السيد على الأرض، فكل واحد من العبدين قد امتثل، لكن أحدهما زاد من عنده القوصرة والمشموم فيصير أحب إلى السيد.فمن صلى النوافل مع الفرائض يصير أحب إلى الله، والمحبة من الله إرادة الخير، فإذا أحب عبده شغله بذكره وطاعته وحفظه من الشيطان، واستعمل أعضاءه في الطاعة، وحبب إليه سماع القرآن والذكر وكرَّه إليه سماع الغناء وآلات اللهو وصار من الذين قال الله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} [الفرقان:63].فإذا سمعوا منهم كلاماً فاحشاً أضربوا عنه وقالوا قولاً يسلمون فيه، وحفظ بصره عن المحارم فلا ينظر إلى ما لا يحل له، وصار نظره فكر واعتبار، فلا يرى شيئاً من المصنوعات إلا استدل به على خالقه. وقال على رضي الله عنه: ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله تعالى قبله. ومعنى الاعتبار العبور الفكر في المخلوقات إلى قدرة الخالق، فيسبح عند ذلك ويقدس ويعظم وتصير حركاته باليدين والرجلين كلها لله تعالى ولا يمشي فيما لا يعنيه ولا يفعل بيده شيئاً عبثاً بل تكون حركاته وسكناته لله تعالى، فيثاب على ذلك في حركاته وسكناته وفي وفي سائر أفعاله.

قوله تعالى: ((كنت سمعه))يحتمل كنت الحافظ لسمعه ولبصره ولبطش يده ورجله من الشيطان،ويحتمل كنت في قلبه عند سمعه وبصره وبطشه. فإذا ذكرني كفَّ عن العمل لغيري.
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:

03 مايو 2017 19:34

الحديث التاسع والثلاثون :

عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ). حديث حسن ، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما .

الشرح :

قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))أي تجاوز عنهم إثم الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وأما حكم الخطأ والنسيان والمكره عليه فغير مرفوع، فلو أتلف شيئاً خطأ أو ضاعت منه الوديعة نسياناً ضمن، ويستثنى من الإكراه على الزنا والقتل فلا يباحان بالإكراه، ويستثنى من النسيان ما تعاطى الإنسان سببه فإنه يأثم بفعله لتقصيره.
و هذا الحديث اشتمل على فوائد و أمور مهمة جمعت فيها مصنفا لا يحتمله هذا الكناب
نور الصفاء
عضو نشيط
مشاركات: 115
اشترك في: 22 إبريل 2017 02:38
آخر نشاط: 13 إبريل 2020 09:23
العمر: 50
اتصال:


العودة إلى “الحديث وفقه السيرة”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد