رياض الواصلين >> القرآن و التفسير >> جواب على سؤال وردني بخصوص قراءة النص القرآني

17 أكتوبر 2017 03:51


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله

نصّ السؤال :

كيف نفهم القرآن الكريم ؟
هل القرآن نص "جامد"، أو نقول: "ثابت"، بمعنى أن معنى الآية واحد ومحدد، أم إن للآية معانٍ كثيرة.. كيف يكون للآية معاني متعددة رغم أن لها معنى واحد عادة هو أول ما يتبادر لذهن السامع؟
هل المذهب الظاهري الحرفي في فهم القرآن خطأ ؟
إذا أجزنا التأويل: أليس التأويل تحريفا للمعنى الظاهري ؟ ألا يفتح الباب لكل أحد أن يفسر كما يشاء ؟ هل تكفي ضوابط التأويل التي يذكرها المفسرون والعلماء في ضمان الفهم الصحيح للآية ؟
ولهذا علاقة أيضا بموضوع التفاسير الباطنية والإشارية ..
ما معنى تحريف الكلم وتحريف القرآن وتحريف الكلام عن موضعه.. الذي حذر الله سبحانه منه، وحكاه عن بعض الأمم السابقة ؟
إذا قلنا بغِنى النص، فإلى أيّ حدّ، ألا يفتح هذا باب الميوعة في التعامل مع القرآن، كما وقع في ذلك شحرور وأركون ونصر حامد أبو زيد.. وغيرهم ؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نصّ الجواب :

...

بداية قراءة النص القرآني من حيث علاقة العبد بربه قبل كل شيء فقراءتك للنص بداية هي رواية علاقتك بالله سبحانه وتعالى ثمّ روايتك لأحوال نفسك لذلك أشار القرآن إلى هذه القراءة وكونها تمتزج بحسب حالة نفس الإنسان وقلبه

قال تعالى :

( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ )

أنظر كيف قال : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ )
أي أن علّة رجحان كفة فهم القرآن ومعالجة النص الديني تكون بدايته من حيث علاقة قلب العبد بربه أي من حيث حالة تزكية نفسه وتنويرها

لأنّ القرآن نور والنور شفاف كالعين أقلّ شيء يقع فيه يدنسه ويحجب الرؤية عنه كسراج مثلا إذا صبغناه بقليل من الدهن الأسود فلا ترى عندئذ غير الظلمة رغم استنارة الفانوس في ذاته وسطوع نوره رغم وقوع البصر على ظلمة ذلك الفانوس في الظاهر بسبب انحجاب ظهور نوره لوجود حائل الصبغة الأسود الداكن أو بحسب درجات دكانتها من شدة وضعف وهكذا ...

من حيث هذا الإعتبار تجد القرآن عبارة عن مرآة يرى فيها العبد نفسه فيرى أخطاءه ومستوى نقصانه أو درجات كماله وهكذا فما الدين في حقيقته إلا مرآة ناصعة البياض مشرقة النور يرى العبد فيها صفة نفسه وصورتها من حيث الحسن والقبح أما من كانت مرآته الدينية التي هي قلبه في الحقيقة داكنة سوداء فأنى له أن يرى نفسه أو يستشعر مشاهدتها في تلك المرآة

قال العلماء : أقسام اللغة العربية ثلاثة :

- لغة الشعر
- لغة النثر
- لغة القرآن

لا تجد هذا التقسيم في لغة أخرى اطلاقا

اللغة العربية من حيث هي لغة لها من القواعد ثلاث :

- قواعد عروضية مختصة بلغة الشعر وهي البحور والأوزان
- قواعد مختصة بلغة النثر وهي آداب اللغة العربية كعلوم المعاني والبيان والبديع والحقيقة والمجاز والنحو والصرف والرسم ويشترك في هذه القواعد القرآن أيضا ... إلخ
- قواعد مختصة بلغة القرآن وهذا موضوعنا فتعيّن عدم الخلط بين هذه الأنواع أو الأقسام الثلاثة

قال تعالى
( وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٍۢ مَّجْنُونٍ )

كونهم اتهموه بالشعر لوجود الصناعة الشعرية عندهم في البادية والحضر كشعراء العرب في الجاهلية كالمراقسة وغيرهم من عهد الملك الأبرش الذي كان أوّل من نظّم القصيد
كذلك ليس هو بسجع لأنّ السجع رفيق الشعر لذا قالوا أن اللغة العربية انتقلت من حالة السجعات إلى نظم الأبيات أو العكس ...

وكذلك نفى الله تعالى كون القرآن كتاب لغة نثر
لذلك قال تعالى : ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ )
أنظر قوله ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ )
أي لا تخط بيمينك شيئا من لغة النثر كالصناعة البلاغية الأدبية من رواية وقصة وخرافة وفلسفة .. الخ التي يجيدها الكتاب وأصحاب الأدب من روائيين ومسرحيين ومفكرين وغيرهم ..إلخ

فعلمنا أنّ القرآن ليس هو من جنس النثر ولا الشعر وأيضا ليس من جنس السجع فهو لغة قائمة الذات حاكمة على اللغة العربية النثرية ولا حكم لقواعد حكم النثر عليها عند وجود التعارض أو التباين في المعاني وحتى بعض المباني لأن لغة القرآن لغة قائمة الذات حيث نزل القرآن على رجل أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة فليس المقصود من نزول القرآن تعاطي مباحث اللغة من حيث نثرها بل الراد والمتوجه هو ما قاله تعالى ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) فحملت هذه اللغة القرآنية الأنوار والأسرار والعلوم الغيبية اللدنية والمعارف الربانية فأين لغة النثر من لغة القرآن

ورد فيما ورد ممن أراد من دجاجلة العرب محاكاة لغة القرآن كما ورد عن مسيلمة الكذاب الذي جعل له كتاب سماه وجعل فيه سورا منها سورة الفيل التي يقول فيها ( الفيل وما أدراك الفيل صاحب الزلّوم الطويل والذيل القصير إن ذلك من خلق ربنا الجليل ) ومحاكاة سورة النساء حيث قال لعنه الله تعالى ( إن الله خلق النساء أفواجا وجعل الرجال لهن أزواجًا فنولج فيهن قَعسا إيلاجًا ثم نخرجها إذا شئنا إخراجا فينتجن لنا سِخالا نِتاجا ) وغير ذلك …

لذلك بهت أصحاب البلاغة والفصاحة من أهل الشعر والكتابة من العرب وصدموا فآمن من آمن منهم وأبى من أبى منهم من المتكبرين

إذن انتفى هنا قولنا أن القرآن أنزل باللغة العربية كونها لغة العرب من حيث ظاهر لغة النثر أو الشعر أو أن القرآن أنزل على العرب دون سائر الخلق من حيث لغة النثر والشعر العربية عندهم فهذا خطأ بل القرآن أنزل للمكلفين كافة من إنس وجنّ وإن كانت لغته عربية في نفس الوقت لكنها لغة عربية قرآنية متاحة لكلّ مؤمن فهي لغة إيمانية في مقامها الأوّل لذلك كثيرا ما تجد المسلم الأعجمي يبكي بمجرد سماعه القرآن وهو لا يفهم معنى حرفا واحد من اللغة العربية

لأنّها ليست مجرد لغة عربية نثرية عادية يحسن كل واحد فهم عمقها وما بين سطورها وما في كأس ألفاظها من مشاريب فهي لغة أحكام ولغة استنباط ولغة تدبر ولغة تحقيق

فلا علاقة بعد هذا لعلم النثر أو الشعر بالنبي عليه الصلاة والسلام كونه كان أميّا لا يعرف القراءة ولا الكتابة النثرية ولا الشعرية بل هي لغة الأنوار والعلوم والأسرار و لغة المعارف الإلهية والعلوم الربانية لذا قال تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) فجعل محل التدبر القلب دون العقل أو الفكر فأين قواعد مباني اللغة اللسانية العقلية الظاهرية النثرية في هذا المحلّ ؟ مع العلم أنه لا نكران بتاتا لعلوم القرآن العربية المتعارف عليها عند العرب من حيث ظاهر القواعد ومبانيها لكننا نتحدث في الفروق بين لغة النثر ولغة القرآن

فإذا علمت هذا فاعلم أن الله تعالى خاطب في قرآنه كل مكلّف بالغ على وجه الأرض لذا جعل تدبر القرآن مقام قلبي ومعنى تدبره أي فقهه ولذلك أيضا بيّن صريحا أنّ القرآن أنزله جبريل على قلب النبي عليه الصلاة والسلام ( أنزله على قلبك بإذن الله )

فقوله تعالى مثلا ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )

ليس خاص بعربي دون أعجمي متى علمنا أن هذا التدبر أمر قلبي والقلب لا لغة خاصة به إلا لغة الإيمان من هناك نال ما ناله صهيب الرومي وناله سلمان الفارسي وناله بلال الحبشي فهل تظن أن هؤلاء كانوا فطاحلة ونبغاء اللغة العربية نثرا وشعرا ؟

بل الصحابة الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة في صدر الإسلام قليلين فإذا علمت هذا هل تظن أن الزمخشري مثلا كان في زمانهم أو السيد قطب كان في وقتهم ليبين لهم التصوير الفني في القرآن ... إلخ رغم أنهم من أسسوا قواعد ركب تلك الحضارة الإسلامية الخالدة …

من هنا نفهم قبل كل شيء أن تعاطي مدارسة القرآن ومعالجة النصوص فيه لا تستند في أساسها على نفس منهج دراسة آداب اللغة العربية من حيث قواعد علوم العربية كقول بن مالك في ألفيته - كلامنا لفظ مفيد كاستقم - .. الخ

رغم أن اللغة في شموليتها واحدة كونهما لغة عربية - فافهم هذه الدقيقة -
فدخل الزمخشري من حيث عربيته في القرآن لكن أين من العلماء من دخل بقرآنيته في اللغة العربية ؟ غير الصحابة ؟ متى علمت أن قواعد علم النحو استخرجها الدؤلي بأمر من سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

لذلك قال الشيخ العلاوي لمريده المداني عندما حضر مجلس دراسة - الجوهر المكنون - في علم البلاغة ... " أنت تسقينا العسل بالإبرة ...

قال تعالى للأميّ ( إقرأ ) فلو كانت لغة شعر أو نثر ما جاز أن يقول له إقرأ - فافهم – إذ لا قراءة في لغة النثر من غير دراية بالكتابة والقراءة فعلمنا أنها لغة عربية خاصة مهما وافقت أو أنزلها الله تعالى بلسان أهل العرب لأنّ لغة القرآن لغة حقائق فالكون كله مرسوم ظاهرا وباطنا بحسب حروف ومعاني اللغة العربية القرآنية

مثلا أكتب حرف ا ثم أكتب رقم ا من الأعداد بحسب الخط العربي الأصلي فستجد الأمر هكذا اا فالألف وعدد ا يشبهان بعضهما كأنها شيئا واحد فالعدد للظاهر المحسوس بينما الحرف للباطن اللطيف ونعني بالحرف أي المعنى أو المعاني لأن لغة المعاني لغة حرفية ومن هنا قالوا أن إفادة الكلام في اللغة السريانية يتوقف على التلفظ بالحرف دون الكلمة أو الفعل من حيث أن الحرف في لغة العرب لا يدل على معنى في نفسه بينما في لغة السريان يدل على معنى في نفسه أما عندنا فهو لا يدل إلا على معنى في غيره ...

إذا علمت هذا وغيره فاعلم أن مراتب فهم النص القرآني مراقي ومراتب فوقية بعضها فوق بعض كسلم تصعد عليه فمن الناس من لا يستطيع صعود ذلك السلم ومنهم من يصعد درجة واحدة ومنهم من يصعد مائة ألف درجة وهكذا لذا ورد في الحديث ( يقال لقارئ القرآن اقرأ ورتل وارتق ) ومعنى الترتيل أي وضع المعاني في منازلها بلا تحريف أو زيغ أو ضلال وإلا فلا يحصل هناك ارتقاء

قلت :

فهم النص القرآني وردت فيه أحاديث كثيرة رواها الثقات من كبار ساداتنا العارفين بالله تعالى كالإمام الشعراني وغيره من قبله وبعده من أهل الله تعالى

منها قوله عليه الصلاة والسلام ( للقرآن ظاهر وباطن وحد ومطلع ) ومنها ( للقرآن ظهر وبطن إلى سبعة أبطن إلى سبعين باطن ) وفي هذا الباب ورد كثير من الأحاديث وإن ضعفها بعض أهل الظاهر من علماء الرسوم من الذين لم يلجوا بقلوبهم في بحار تدبر القرآن فكانت تفاسيرهم لفظية سطحية يعوزها وجود النَفس التوحيدي العميق لذلك لا أميل كثير مثلا إلى شرح العلامة محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير رغم جلالته وغزارة علمه كونه تناول مسائل إعراب القرآن أكثر من تناوله معاني التوجه إلى الله والسير إليه والقصد نحوه وعلى هذا قس فكل تفسير لا يدلك على الله فهو بطالة ...

قال سيدنا علي " انقطع الوحي وما بقي غير فهم أوتيه رجل في هذا القرآن " أو ما في معناه

نعم القاعدة الأساس في قراءة النص القرآني وفهمه تتمثل في ظاهر الألفاظ من حيث مدلولية اللفظ وهو عند علماء الأصول ( ما دل عليه اللفظ في محل النطق ) أي من حيث منطوق اللفظ لكنهم قرروا أيضا أن هناك المفهوم وهو رفيق المنطوق وقد عرفوه كما تعلمون كونه ( ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ) وعليه قرروا عشرة مفاهيم وكل تلك المفاهيم لم تكن من حيث ما دل عليه منطوق اللفظ

كقوله تعالى ( واتوا البيوت من أبوابها ) يفهم أن الذي أراد نكاحا عليه أن يدخل من باب الأسرة والوالدين ولا يقف المفهوم عند منطوق باب البيت أو فرجة المنزل من خشب أو حديد لكون العبرة بعد تثبيت منطوقات المباني اعتبار مفاهيم المعاني لأن الجمود على اللفظ يفسد جمال اللغة ويعريها تماما من علومها وآدابها كقوله تعالى ( واسأل القرية ) فالمنطوق يشير إلى سؤال القرية وهي معنى غير عاقل بخلاف متى قلنا أي إسأل أهل القرية حيث نص العلماء هنا أن هذا من علم المجاز لذلك قال علماء العربية بعلوم اللغة بين حقيقة ومجاز ككناية واستعارة وتشبيه وتقديمات ومحذوفات وبدائل ...إلخ

نعم من حيث الظاهر تشترك لغة القرآن مع قواعد لغة النثر في الغالبية العظمى من العلوم بل علومهما واحدة من حيث الإعراب والقواعد ومن هنا استشهد علماء بتفسير الزمخشري وغيره في نكات اللغة رغم اعتناقه مذهب أهل الإعتزال …

لكن من حيث معاني القرآن الباطنة التي هي السير والسلوك ثمّ علوم الحقيقة التي هي علم التوحيد الخاص فلا قبل لعلماء اللغة بذلك لأن اللغة هنا تابعة غير متبوعة بمعنى أن اللفظ هنا يتبع المعنى وليس كما في الظاهر يتبع المعنى اللفظ فيكون تحت حكمه بل هنا في حالة قراءة القرآن في مرتبته القلبية يكون المعنى حاكما على اللفظ فيكون المعنى حجة على اللفظ وليس العكس بل يسارع اللفظ سمعا وطاعة لما يمليه المعنى كقوله تعالى ( الرحمان على العرش استوى ) فهل تظن أن ظاهر تلك الألفاظ سيكون حجة على حقيقة المعنى المراد ؟ حتى نقول بالجسم أو نشبه الذات العلية في أفعالها وصفاتها بجنس البشر وأفعال وأوصاف المخلوقات ؟

لذا هنا يتبع اللفظ معناه بخلاف عند التفسير الظاهر يتبع المعنى لفظه كقوله تعالى ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) فلا نقول المراد بالسعي إلى ذكر الله أي السعي إلى الذكر دون تأدية صلاة الجمعة فيكون هذا تحريفا للظاهر عن منطوقه المتعارف عليه من حيث دلالة مفهومه عليه من خلال ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق

لذلك قال أهل الله : أن تفسير القرآن يبقى على ظاهره من حيث المنطوق والمفهوم فيثبت العارف كل ما ورد من حيث الظاهر المتعارف عليه ولا ينكر منه شيء ولا ينحى منحى أهل الغلو في الجمود على ظاهر اللفظ والتحكم عليه كابن حزم الظاهري أو ابي داود وغيرهما من تلك المدرسة الظاهرية ..

الحديث في تفصيل هذا الباب يطون كما تعلمون لكثرة العلم ودقة المعاني ...

أما مسألة المحكم من المتشابه في القرآن فمعنى المتشابه من القرآن أي مما تدل ألفاظه الظاهرة على اشتراك في المعنى فيما بين الخلق وخالقهم وهذا وهم عند العارفين لهذا تعين الرسوخ في العلم حتى تتبين العلوم وهذا المبحث بين المحكم والمتشابه أرجو أن يوفقني الله تعالى لكتابة موضوع فيها لهذا لا أتناوله بالجواب هنا لدقة مسائله وتوضيحاته رغم جلالته ونفاسته
...

أما مسألة الذين يخوضون في القرآن بزندقتهم وتفلتهم ووو الخ

.. اعلم أن التفسيرات القرآنية المتعددة في مختلف مراتبها كالتفسير بالمأثور أو الاشاري أو العقلي .. الخ وكل هذا منصوص عليه في كتاب ( التفسير والمفسرون ) ولا أظنه يخفى عليكم فيه له قواعده

مثلا عند أهل الظاهر لهم قواعد لو دخل أحد من أهل المفسدة والإضلال يريد تحريفا او زندقة لنفوا عنه ذلك لتمكنهم من العلم في اختصاصهم وهكذا القول في كل اصحاب فنّ واختصاص فلو دخل زنديق يفسر القرآن او يستروح فيه بزعمه بجهله مثلا على نهج الصوفية لتصدى له مفسرو الصوفية أنفسهم لأنهم متمكنون من اختصاصهم في التفسير الإشاري لمعرفتهم بحضرات العلوم القرآنية بين أنوار وأسرار فلو دخل من ليس منهم يفعل كفعلهم لكشفوه في الوقت

لكون أهل كلّ فن لهم قواعدهم وعلومهم وأصولهم الشرعية الدينة الصحيحة التي لا يعرفها من ليس منهم لكون الظاهر والباطن موصولين غير منفصلين فلو انفصل الظاهر عن الباطن لفصلت الاسماء عن الصفات ثم لفصلت الصفات عن الذات وهذا محال لذلك ورد في الحديث الشريف (  يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) فكم من مؤوّل جاهل يؤول القرآن برأيه دون التقيد بقواعد التفسير وأحكام التأويل وهذا حرام لا يجوز

أما مسألة تحريف الكلم عن مواضعه فهذا وجد في الأمم السابقة كما وجد في هذه الأمة لكنه يبقى أمرا معلوما وقد حذر العلماء من زندقة الباطنية مثلا ومن اعوجاج الظاهرية وهكذا نفوا تفسيرات الخوارج للقرآن وتصدوا لهم ... إلخ

فاعلم أن أصح علوم المسلمين اليوم التي هي بين أيدي أهل السنة والجماعة من اتباع المذاهب الأربعة في فهم الدين لذلك تكثر جدا فيهم الولاية الربانية كذلك كثرة رؤيتهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام صاحب الشريعة والطريقة والحقيقة

الحديث يطول في مثل هذه الأبواب

قال تعالى ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )

أنظر كيف قال ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ )

فما قال ( لو اجتمعت كل العرب على أن يأتوا بمثل هذا القرآن )

فنفهم أن لغة النثر العربية ليست مرادة ولا مقصودة لذاتها في هذا التحدي وإنما المقصود الناس والبشر أجمعين بل ومعهم الجنّ أيضا بجميع لغاتهم وألسنتهم وحكمهم وو... إلخ من حيث علومهم وحقائقهم وفهومهم وكونهم ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )

لأنه لو أراد فقط اللغة العربية النثرية لأوقف هذا التحدي على العرب دون سائر الأعاجم فافهم سيدي أكرمكم الله اشارات القرآن ومعانيه


إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

22 أكتوبر 2017 15:09

ماشاء الله تعالى وجزاكم الله خيرا
احمد البطش
عضو جديد
مشاركات: 15
اشترك في: 18 أكتوبر 2017 14:06
آخر نشاط: 11 يناير 2018 05:32
مكان: syria
العمر: 61
اتصال:

22 أكتوبر 2017 15:09

ماشاء الله تعالى وجزاكم الله خيرا
احمد البطش
عضو جديد
مشاركات: 15
اشترك في: 18 أكتوبر 2017 14:06
آخر نشاط: 11 يناير 2018 05:32
مكان: syria
العمر: 61
اتصال:

23 أكتوبر 2017 16:32

ما شاء الله
يوسف مطر
عضو جديد
مشاركات: 10
اشترك في: 28 إبريل 2017 16:11
آخر نشاط: 03 فبراير 2018 05:03
مكان: فلسطين
العمر: 52
اتصال:


العودة إلى “القرآن و التفسير”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد